للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَوْجُودٌ فِي الشَّرْعِ، مِثَالُ ذَلِكَ: أَنَّ النِّيَّةَ فِي الْوُضُوءِ يَكْفِي مِنْهَا اعْتِقَادُ رَفْعِ الْحَدَثِ لِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ مِنَ الْعِبَادَةِ الَّتِي الْوُضُوءُ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا وَلَيْسَ يَخْتَصُّ عِبَادَةً عِبَادَةً بِوُضُوءٍ وُضُوءٍ. وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ تَعْيِينِ شَخْص الْعِبَادَةَ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الصَّلَاةِ إِنْ عَصْرًا فَعَصْرًا، وَإِنْ ظُهْرًا فَظُهْرًا، وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ) (١).

* قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: هَلِ الْكَافِي فِي تَعْيِينِ النِّيَّةِ فِي هَذِهِ الْعِبَادَةِ هُوَ تَعْيِينُ جِنْسِ الْعِبَادَةِ أَوْ تَعْيِينُ شَخْصِهَا؟)، الجنس والشخص بمعنى متقارب، لكنَّ المؤلف أتى بالعبارتين ليفرِّق بينهما كما لو قال الجنسُ والنَّوعُ للتَّفريق بينهما، فجعل الجنس عامًّا يشمل أنواعًا، وجعل الشَّخصَ المقصود به شيئًا واحدًا هنا.

مثال: الصلاة: فهي أجناسٌ، تتنوَّع إلى صلاةٍ واجبةٍ وصلاة غير واجبةٍ، وتلك الواجبات تتنوع أيضًا إلى صلاة الظهر، وصلاة العصر، وصلاة المغرب، وصلاة العشاء، وصلاة الفجر، فهل لا بدَّ من تعيين النِّية لكل صلاةٍ أو تكفي نيةُ لمجردِّ الصلاة (٢)؟ وكذلك الشأنُ في


(١) ستأتي.
(٢) مذهب الحنفية، يُنظر: "الدر المختار" وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (١/ ٤١٧) حيث قال: (وكفى مطلق نية الصلاة) وإن لم يقل: للَّه (لنفلٍ وسنةٍ) راتبةٍ (وتراويح) على المعتمد، إذ تعيينها بوقوعها وقت الشروع، والتعيين أحوط (ولا بدَّ من التعيين عند النية) فلو جهل الفرضية لم يجز؛ ولو علم ولم يميز الفرض من غيره، إن نوى الفرض في الكل جاز، وكذا لو أمَّ غيره فيما لا سنة قبلها (لفرضٍ) أنه ظهر أو عصر قرنه باليوم أو الوقت أو لا.
مذهب المالكية، يُنظر: "مواهب الجليل" للحطَّاب (١/ ٥١٨) حيث قال: فلو أحرم المأموم بما أحرم به الإمام من غير أن يعلم صلاة الإمام ولا يعنيها قال أشهب في المجموعة: إذا نوى صلاة إمامه أجزأه ما صادف وفيه نظر فإنَّ المكتوبة تفتقر إلى تعيين النية فإذا لم يدر ما صلى الإمام لم يدر بما أحرم، وجهله بما أحرم مضادٌّ لتعيين النية، وإن أخذ ذلك مما جاء عن علي في الحجِّ فذلك لا حُجة فيه إذ يحتمل أن يكون إحرامه نفلًا، وإن كان حجه فرضًا فالحج لا يفتقر إلى تعيين النية =

<<  <  ج: ص:  >  >>