للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَأَمَّا الْمَرِيضُ فَالنَّظَرُ فِيهِ أَيْضًا فِي تَحْدِيدِ الْمَرَضِ الَّذِي يَجُوزُ لَهُ فِيهِ الْفِطْرُ وَفِي حُكْمِ الْفِطْرِ.

أَمَّا الْمَسْأَلَةُ الأُولَى: وَهِيَ إِنْ صَامَ الْمَرِيضُ وَالْمُسَافِرُ هَلْ يُجْزِيهِ صَوْمُهُ عَنْ فَرْضِهِ أَمْ لَا؟ فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ: فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ (١) إِلَى أَنَّهُ إِنْ صَامَ وَقَعَ صِيَامُهُ وَأَجْزَأَهُ، وَذَهَبَ أَهْلُ الظَّاهِرِ (٢) إِلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِيهِ وَأَنَّ فَرْضَهُ هُوَ أَيَّامٌ أُخَرُ. وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ: تَرَدُّدُ قَوْلِهِ -تَعَالَى-: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤] بَيْنَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْحَقِيقَةِ فَلَا يَكُونُ هُنَالِكَ مَحْذُوفٌ أَصْلًا، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى الْمَجَازِ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: فَأَفْطَرَهُ فَعِدَّة مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ، وَهَذَا الْحَذْفُ فِي الْكَلَامِ هُوَ الَّذِي يَعْرِفُهُ أَهْلُ صِنَاعَةِ الْكَلَامِ بِلَحْنِ الْخِطَابِ).

سبق أنَّ اللَّه عزَّ وجلَّ رخَّص للمريض وللمسافر في الفطر، فهل إذا صام المريض في مرضه والمسافرُ في سفره يجزئه صومه أو لا؟

ذهب الجمهور (٣) -ومنهم الأئمة الأربعة وغيرهم- إلى أنه إن صام فإنه يجزئه، وذهب أهل الظاهر (٤) إلى أنه لا يجزئه وأنَّ فرضه هو أيام أُخر. ويستدلون لمذهبهم: أولًا: بما نُقل عن عمر، وأبي هريرة،


(١) تقدَّم بالتفصيل.
(٢) يُنظر: "المحلى" لابن حزم (٤/ ٣٨٤) حيث قال: ومن سافر في رمضان -سفر طاعةٍ أو سفر معصيةٍ، أو لا طاعة ولا معصية- ففرض عليه الفطر إذا تجاوز ميلًا، أو بلغه، أو إزاءه، وقد بطل صومه حينئذٍ لا قبل ذلك، ويقضي بعد ذلك في أيامٍ أخر، وله أن يصومه تطوعًا، أو عن واجبٍ لزمه، أو قضاء عن رمضان خال لزمه، وإن وافق فيه يوم نذره صامه لنذره.
(٣) تقدَّم بالتفصيل.
(٤) سبق الكلام عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>