للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبقيت مسألةٌ مهمةٌ (١) لم يعرض لها المؤلِّف تتعلَّق بأنواع المسافرين؛ لأنَّ المسافر قد يكون سفره قربةً وطاعةً للَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كالمسافر المجاهد في سبيل اللَّه، أو كالذي يسافر للحجِّ، وكذلك من يسافرُ لنشر الدعوة إلى اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على بيِّنةٍ وبصيرةٍ، ومن يسافر ليصل رحمًا، أو لنجدةِ إخوانه المسلمين، أو من يسافر في طلب العلم النافع، ونحو ذلك.

وقد يكون السفر مباحًا كمن يسافر للتَّجارة، والضرب في الأرض طلبًا للرزق، أو من يسافر لأجل النزهة، أو لأجل الصيد.

وقد يكون السفر لمعصيةٍ، كمن يسافر ليسرق أو ليعتدي أو ليقطع طريق، إلى غير ذلك.

فهذه أنواعٌ ثلاثةٌ ولكل منها حكمٌ كما مرَّ بنا في صلاة المسافر.


= بلغه، أو إزاءه، وقد بطل صومه حينئذٍ لا قبل ذلك، ويقضي بعد ذلك في أيام أخر، وله أن يصومه تطوعًا، أو عن واجب لزمه، أو قضاء عن رمضان خال لزمه.
(١) مذهب الجمهور (المالكية والشافعية والحنابلة) أن يكون السفر قربةً أو مباحًا. وأجاز الحنفية الفطر بسفر المعصية.
مذهب الحنفية، يُنظر: "الدر المختار" وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (٢/ ٤٢١) حيث قال: (قوله لمسافر) خبر عن قوله الآتي الفطر وأشار باللام إلى أنه مخيرٌ ولكن الصوم أفضل إن لم يضره كما سيأتي (قوله سفرًا شرعيًّا)؛ أي: مقدرًا في الشرع لقصر الصلاة ونحوه وهو ثلاثة أيام ولياليها، وليس المراد كون السفر مشروعًا بأصله ووصفه بقرينة ما بعده (قوله ولو بمعصية) لأنَّ القبح المجاور لا يعدم المشروعية كما قدمه الشارح في صلاة المسافر. وانظر: "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق" للزيلعي (١/ ٢١٦).
مذهب المالكية، يُنظر: "القوانين الفقهية" لابن جزي (ص: ٥٩) حيث قال: أن يكون السفر مباحًا فلا يقصر العاصي بسفره كقاطع الطريق والعبد الأبق خلافًا لأبي حنيفة، ولا يشترط كون السفر قربةً خلافًا لابن حنبل.
مذهب الشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٢/ ١٦٩) حيث قال: (و) يباح تركه (للمسافر سفرًا طويلًا مباحًا).
مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (١/ ٥٠٥) حيث قال: (ولا يترخص في سفر معصيةٍ بقصرٍ ولا فطر، ولا أكل ميتة نصًّا)؛ لأنها رخصٌ والرخص لا تناط بالمعاصي.

<<  <  ج: ص:  >  >>