للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا نقول بالتعارض هنا، ولكن وردت أحاديث اختلف العلماء في تأويلها وفي حملها، فمنهم من أخذ بعموم حديث: "من مات وعليه صيام صام عنه وليه" (١)، كما ذكرنا عن الذين قالوا بذلك.

ومنهم من قصر ذلك على النذر، ومنهم من قال: إن الصيام من العبادات التي لا تدخلها النيابة كالصلاة، فكما أنه لا يصلي أحد عن أحد، كذلك لا يصوم أحد عن أحد. وقد صح عن عبد اللَّه بن عباس -كما أخرج ذلك النسائي في السنن الكبرى (٢) - أنه قال: (لا يصلي أحد عن أحد، ولا يصوم أحد عن أحد). وهناك من رفعه (٣) -والمرفوع ضعيف-، وهناك من أوقفه -والموقوف هو الصحيح-.

فالحقيقة أن أولئك لم يستدلوا بالقياس الذي حاول المؤلف أن يجعله حجة لهم، ولكن حجتهم هو هذا الأثر، عن ابن عباس، وورد ذلك عن عبد اللَّه بن عمر (٤).

إذًا؛ كلٌّ يحتج بدليل مأثور في هذا المقام.

* قوله: (أَنَّهُ قَالَ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-: "مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَهُ عَنْهُ وَلَيُّهُ" (٥) خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ).

هذا حديث متفق عليه في الحقيقة، وليس في مسلم وحده.


= النص والقياس ويقدمون النص ويتناقضون، ونحن قد بينا في غير هذا الموضع أن الأدلة الصحيحة لا تتناقض، فلا تتناقض الأدلة الصحيحة العقلية والشرعية ولا تتناقض دلالة القياس إذا كانت صحيحة، ودلالة الخطاب إذا كانت صحيحة".
(١) سبق تخريجه.
(٢) أخرجه النسائي في "السنن الكبرى" (٣/ ٢٥٧). وصححه الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (٣/ ١٤٦٤).
(٣) قال الحافظ ابن حجر في "الدراية في تخريج أحاديث الهداية" (١/ ٢٨٣): "لم أجده مرفوعا".
(٤) أخرجه مالك في الموطأ (١/ ٣٠٣).
(٥) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>