للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى التَّخْصِيصِ، وَلَكِنْ كِلَا الْفَرِيقَيْنِ لَمْ يَلْزَمْ أَصْلَهُ، وَلَيْسَ فِي مُجْمَلِ مَا نُقِلَ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ حُجَّةٌ. وَمَنْ قَالَ مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ: إِنَّ تَرْكَ التَّفْصِيلِ فِي اخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ مِنَ الشَّارعِ بِمَنْزِلَةِ الْعُمُومِ فِي الْأَقْوَالِ فَضَعِيفٌ، فَإِنَّ الشَّارعَ لَمْ يَحْكُمْ قَطُّ إِلَّا عَلَى مُفَصَّلٍ، وَإِنَّمَا الْإِجْمَالُ فِي حَقِّنَا).

لا يفطر الصائم بفعله ناسيًا، فلا شيء مثلًا على من أكل ناسيًا. وهو قول الشافعي، وأبي حنيفة.

وقال مالك: يفطر؛ لأن ما لا يصح الصوم مع شيء من جنسه عمدًا لا يجوز مع سهوه، كالجماع، وترك النية.

والصواب: ما روى أبو هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا أكل أحدُكم أو شربَ ناسيًا، فليتمَّ صومَه، فإنما أطعمه اللَّهُ وسقاه".

ولأنها عبادة ذاتُ تحليل وتحريم، فكان في محظوراتها ما يختلف عمدُه وسهوُه، كالصلاة والحج. وأما النية فليس تركها فعلًا؛ ولأنها شرط، والشروط لا تسقط بالسهو، بخلاف المبطِلات. والجماع حكمُه أغلظُ ويمكن التحرُّزُ عنه.

* قوله: (وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ -وَهُوَ اخْتِلَافُهُمْ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ إِذَا طَاوَعَتْهُ عَلَى الْجِمَاعِ-: فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُ (١)،


(١) يُنظر: "الاختيار لتعليل المختار"، لابن مودود (١/ ١٣١)؛ حيث قال: "وأما المرأة فيجب عليها إذا كانت مطاوعة؛ لعموم الحديث الثاني. ولأن هذا الفعل يقوم بهما، فيجب عليها ما يجب عليه كالغسل والحد، وإن كانت مكرهة لا كفارة عليها كما في النسيان؛ لاستوائهما في الحكم بالحديث، ولو أكرهت زوجها فجامعها يجب عليهما".

<<  <  ج: ص:  >  >>