للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بغير خلاف بين أهل العلم، وإن كان في يومين من رمضان، ففيه قولان:

أحدهما: تجزئه كفارة واحدة. وهو مذهب الأحناف؛ لأنها جزاء عن جناية تَكرَّر سببُها قبل استيفائها، فيجب أن تتداخل، كالحد.

والثاني: لا تجزئ واحدة، ويلزمه كفارتان. وهو قول مالك، والشافعي؛ لأن كل يوم عبادة منفردة، فإذا وجبت الكفارة بإفساده لم تتداخل، كرمضانين، وكالحجتين.

* قوله: (وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ: تَشْبِيهُ الْكَفَّارَاتِ بِالْحُدُودِ، فَمَنْ شَبَّهَهَا بِالْحُدُودِ قَالَ: كفَارَّةٌ وَاحِدَةٌ تُجْزِئُ فِي ذَلِكَ عَنْ أَفْعَالٍ كَثِيرَةٍ، كَمَا يَلْزَمُ الزَّانِيَ جَلْدٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ زَنَى أَلْفَ مَرَّةٍ إِذَا لَمْ يُحَدَّ لِوَاحِدٍ مِنْهَا. وَمَنْ لَمْ يُشَبِّهْهَا بِالْحُدُودِ جَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الأَيَّامِ حُكْمًا مُنْفَرِدًا بِنَفْسِهِ فِي هَتْكِ الصَّوْمِ فِيهِ أَوْجَبَ فِي كُلِّ يَوْمٍ كَفَّارَةً. قَالُوا: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْكَفَّارَةَ فِيهَا نَوْعٌ مِنَ الْقُرْبَةِ، وَالْحُدُودُ زَجْرٌ مَحْضٌ).

شبَّهوا هذه الكفارات بالحدود فقالوا: كما لا يَلزم الزانيَ بعد تعدُّدِ الزنى إلا جلدٌ واحد فكذلك في الكفارات.

* قوله: (وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ، وَهِيَ: هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِطْعَامُ إِذَا أَيْسَرَ وَكَانَ مُعْسِرًا فِي وَقْتِ الْوُجُوبِ؟ فَإِنَّ الْأَوْزَاعِيَّ قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مُعْسِرًا. وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ: فَتَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ.

وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ فِي ذَلِكَ: أَنَّهُ حُكْمُ الْمَسْكُوتِ عَنْهُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُشَبَّهَ بِالدُّيُونِ، فَيَعُودُ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ فِي وَقْتِ الإِثْرَاءِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: لَوْ كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَيْهِ لَبَيَّنَهُ لَهُ -صلى اللَّه عليه وسلم-. فَهَذِهِ أَحْكَامُ مَنْ أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا فِي رَمَضَانَ مِمَّا أُجْمِعُ عَلَى أَنَّهُ مُفْطِرٌ).

كان مُعسرًا في وقت الوجوب فلا يجب عليه، فإذا أيسر بعد ذلك: هل يجبُ عليه الكفارة؟

<<  <  ج: ص:  >  >>