للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومذهبهم في أخبار الآحاد معروف (١) فإنه يشير إلى هذا قصدًا.

ومعارضة القياس الكتاب المتحدث عنها هنا يقصد بها أن دلالة الكتاب ليست نصيَّة" لأنه ذكر {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ}، {فَإِنَّهُ رِجْسٌ} بالنسبة للخنزير، وفي الكلب: {مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ}، ولم يأمر بغسله، ولكن بعض العلماء يقولون بأن الرَّسُولَ، -صلى الله عليه وسلم- أمَرَ بغسل الإناء الذي ولغ فيه الكلب، وحتى لو لم يأمر بغسلِهِ، فإنه معفوٌّ عنه؛ لأنَّه ممَّا تعمُّ به البلوى (٢).

والمالكية يرون أن الأمر بغسل الإناء منه إنما هو أمرٌ تعبديٌّ (٣)، ولكننا في هذا الزمن الذي شهد التطور الطبي الهائل أظهر العلة، وبين أنه يوجد في لعاب الكلب مادة لا يزيلها إلا التُّراب، وإذا كان الفقهاء قديمًا اختلفوا في مسألة قيام الصابون مقام التراب إلا أن ما توصل إليه الطب الحديث يجعلنا نتمسك أكثر بالتراب المأمور به، واللهُ أَعْلَم.


= والسلام- أنه أوجب الوضوء مِنْ مَسِّ الذكر، لم يقبل أصحابنا هذا الخبر، لأنه ورد مخالفًا للأصول؛ لأنه ليس في الأصول انتقاض الطهارة بمس بعض أعضائه". وانظر: "أصول السرخسي" (١/ ٣٢١، ٣٣٣) وما بعدها. و"كشف الأسرار" لعلاء الدين البخاري (٣/ ١٦).
(١) قال ابن القيم: "وَحَكوه عن أبي حنيفة وهو كذبٌ عليه، وعلى أبي يوسف ومحمد، فلم يقل ذلك أحذ منهم ألبتة، وإنما هذا قول متأخريهم، وأقدم مَنْ قال به عيسى بن أبان، وتبعه أبو الحسن الكرخي وغيره". انظر: "مختصر الصواعق المرسلة" (ص ٦٠٧).
(٢) يُنظر: "كشف الأسرار شرح أصول البزدوي" لعلاء الدين البخاري (١٦٣) حيث قال: "يعم به البلوى أي: فيما يمسُّ الحاجة إليه في عموم الأحوال".
(٣) يُنظر: "حاشية الدسوقي" (١/ ٨٣)، حيث قال: " (قوله: تعبدًا)، اعلم أن كون الغسل تعبدًا هو المشهور، وإنما حكم بكونه تعبدًا لطهارة الكلب، ولذلك لم يطلب الغسل في الخنزير. وقيل: إن ندب الغسل معلل بقذارة الكلب، وقيل: لنجاسته إلا أن الماء لما لم يتغير قلنا: بعدم وجوب الغسل، فلو تغير لوجب، وعلى هذين القولين يلحق الخنزير بالكلب في ندب غسل الإناء من ولوغه، وعلى القول الأول يجوز شرب ذلك الماء، ولا ينبغي الوضوء به إذا وجد غيره للخلاف في نجاسته، وعلى القول بالنجاسة فلا يجوز شربه، ولا الوضوء به كذا قرر شيخنا".

<<  <  ج: ص:  >  >>