للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يومِه". فإذا نوى صوم التطوع من النهار كان صائمًا بقية النهار دون أوله، والفرض يكون واجبًا في جميع النهار، ولا يكون صائمًا بغير النية.

والثاني: أن التطوع سُومِح في نيته من الليل تكثيرًا له، فإنه قد يبدو له الصوم في النهار، فاشتراط النية في الليل يمنع ذلك، فسامح الشرع فيها، كمسامحته في ترك القيام في صلاة التطوع، وترك الاستقبال فيه في السفر تكثيرًا له، بخلاف الفرض. إذا ثبت هذا ففي أي جزء من الليل نوى أجزأه، وسواء فعل بعد النية ما ينافي الصوم من الأكل والشرب والجماع، أم لم يفعل. واشترط بعض أصحاب الشافعي ألَّا يأتي بعد النية بمنافٍ للصوم.

* قوله: (أَمَّا صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، فَلأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ وَقَالَ فِيهِ: "مَنْ كَانَ أَصْبَحَ صَائِمًا فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، وَمَنْ كَانَ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ" (١). وَاخْتَلَفُوا فِيهِ: هَلْ هُوَ التَّاسِعُ أَوِ الْعَاشِرُ؟ وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافُ الْآثَارِ: خَرَّجَ مُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "إِذَا رَأَيْتَ هِلَالَ الْمُحَرَّمِ فَاعْدُدْ وَأَصْبِحْ يَوْمَ التَّاسِعِ صَائِمًا". قُلْتُ: هَكَذَا كَانَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَصُومُهُ؟ قَالَ: نعَمْ (٢). وَرُوِيَ: أَنَّهُ حِينَ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ يَوْمٌ يُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ -إِنْ شَاءَ اللَّهُ- صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ". قَالَ: فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- (٣)).

أما صوم عاشوراء، فلم يثبت وجوبه، فإن معاوية -رضي اللَّه عنه- قال: سمعت


(١) أخرجه أحمد بنحوه (١٦٥٠٧)، وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
(٢) أخرجه أحمد (٢١٣٥)، وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم.
(٣) أخرجه الطبراني في "الكبير" (١٠٧٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>