للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْفُقَهَاءِ (١) أَنَّهُ لَا حَدَّ لَهُ. وَاخْتُلِفَ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ فَقِيلَ: ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَقِيلَ: يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ: أَقَلُّهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ، وَعِنْدَ الْبَغْدَادِيِّينَ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنَّ الْعَشْرَةَ اسْتِحْبَابٌ، وَأَنَّ أَقَلَّهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ (٢).

وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ مُعَارَضَةُ الْقِيَاسِ لِلأَثَرِ، أَمَّا الْقِيَاسُ: فَإِنَّهُ مَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ مِنْ شَرْطِهِ الصَّوْمَ قَالَ: لَا يَجُوزُ اعْتِكَافُ لَيْلَةٍ، وَإِذَا لَمْ يَجُزِ اعْتِكَافُهُ لَيْلَةً فَلَا أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، إِذِ انْعِقَادُ صَوْمِ النَّهَارِ إِنَّمَا يَكُونُ بِاللَّيْلِ. وَأَمَّا الأثَرُ الْمَعَارِضُ: فَمَا خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ أَنَّ عُمَرَ -رضي اللَّه عنه- نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ لَيْلَةً فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنْ يَفِيَ بِنَذْرِه (٣). وَلَا مَعْنَى لِلنَّظَرِ مَعَ الثَّابِتِ مِنْ هَذَا الْأَثَرِ).

عمومًا إذا قلنا: إن الصوم شرط. لم يصح اعتكاف ليلة مفردة، ولا بعض يوم، ولا ليلة وبعض يوم؛ لأن الصوم المشترط لا يصح في أقل من يوم. ويحتمل أن يصح في بعض اليوم، إذا صام اليوم كله؛ لأن الصوم المشروط وُجد في زمن الاعتكاف، ولا يعتبر وجود المشروط في زمن الشرط كله.


= فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: ١٨٧]. ولم يقدره بوقت، والاعتكاف: هو اللبث على وصف، وأي جزء حصل منه على الوصف المشروط: فهو اعتكاف. وقد قال محمد بن الحسن: إنه لو اعتكف نصف يوم: جاز؛ لأن مقدار ما فعله لبث صحيح، إلا أنه لا ينبغي له أن يفطر حتى يمسي؛ لأن الصوم الذي قد دخل فيه، قد لزمه إتمامه بالدخول. وروى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة: أنه إذا دخل في اعتكاف لزمه أن يتمه يومًا".
(١) مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع"، للبهوتي (٢/ ٣٤٧)، حيث قال: " (ويستحب أن لا ينقص الاعتكاف عن يوم وليلة)، خروجًا من خلاف من يقول: أقله ذلك".
(٢) يُنظر: "التهذيب في اختصار المدونة"، للبراذعي (١/ ٣٨٦)، حيث قال: "قال ابن القاسم: وبلغني عن مالك أنه قال: أقل مدة الاعتكاف يوم وليلة، فسألته عنه فأنكره، وقال: أقله عشرة أيام، وبه أقول".
(٣) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>