للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى الصَّلَاةِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ صَلَاةُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضلَ مِنْهَا فِي الْمَسْجِدِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْخَبَرِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الِاعْتِكَافُ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلَ. قَالُوا: وَإِنَّمَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَعْتَكِفَ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ زَوْجِهَا فَقَطْ عَلَى نَحْوِ مَا جَاءَ فِي الْأَثَرِ مِنِ اعْتِكَافِ أَزْوَاجِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَعَهُ، كَمَا تُسَافِرُ مَعَهُ وَلَا تُسَافِرُ مُفْرَدَةً، وَكَأَنَّهُ نَحْوٌ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْقِيَاسِ وَالْأَثَرِ).

فيه من الفقه أن المعتكِف يجب أن يجعل لنفسه في المسجد مكانًا لمبيته، بحيث لا يضيِّق على المسلمين، كما فعل الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- في الصحن إذا ضرب فيه خباءه، وفيه من الفقه أن المعتكِف إذا أراد أن ينام في المسجد أن يتنحَّى عن الناس، خوف أن يكون منه ما يؤذيهم من آفات البشر.

* قوله: (وَأَمَّا زَمَانُ الِاعْتِكَافِ فَلَيْسَ لِأَكْثَرِهِ عِنْدَهُمْ حَدٌّ وَاجِبٌ، وَإِنْ كَانَ كُلُّهُمْ يَخْتَارُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ بَلْ يَجُوزُ الدَّهْرُ كُلُّهُ، إِمَّا مُطْلَقًا عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى الصَّوْمَ مِنْ شُرُوطِهِ، وَإِمَّا مَا عَدَا الأَيَّامَ الَّتِي لَا يَجُوزُ صَوْمُهَا عِنْدَ مَنْ يَرَى الصَّوْمَ مِنْ شُرُوطِهِ. وَأَمَّا أَقَلُّهُ: فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَدْخُلُ فِيهِ الْمُعْتَكِفُ لِاعْتِكَافِهِ، وَفِي الْوَقْتِ الَّذِي يَخْرُجُ فِيهِ مِنْهُ. أَمَّا أَقَلُّ زَمَانِ الِاعْتِكَافِ، فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ (١)، وَأَبِي حَنِيفَةَ (٢)، وَأَكْثَرِ


(١) يُنظر: "روضة الطالبين وعمدة المفتين"، للنووي (٢/ ٣٩١)، حيث قال: "واستحب الشافعي رَحِمَهُ اللَّهُ أن يعتكف يومًا للخروج من الخلاف، فإن مالكًا وأبا حنيفة -رضي اللَّه عنه- لا يجوِّزان اعتكاف أقل من يوم. ونقل الصيدلاني وجهًا: أنه لا يصح الاعتكاف إلا يومًا، أو ما يدنو من يوم. قلت: ولو كان يدخل ساعة ويخرج ساعة، وكلما دخل نوى الاعتكاف، صح على المذهب. وحكى الروياني فيه خلافًا ضعيفًا. واللَّه أعلم".
(٢) يُنظر: "شرح مختصر الطحاوي"، للجصاص (٢/ ٤٧٥)، حيث قال: "قال أبو جعفر: (ويجوز الاعتكاف يومًا فما فوقه من الأيام)، وذلك لقول اللَّه تعالى: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ =

<<  <  ج: ص:  >  >>