للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كفارة، كالنوافل، ولأنها عبادة لا يدخل المال في جُبْرانها، فلم تجب الكفارة بإفسادها، كالصلاة، ولأن وجوب الكفارة إنما يثبت بالشرع، ولم يرِدِ الشرع بإيجابها، فتبقى على الأصل.

* قوله: (وَاخْتَلَفُوا فِي مُطْلَقِ النَّذْرِ بالِاعْتِكَافِ: هَلْ مِنْ شَرْطِهِ التَّتَابُعُ أَمْ لَا؟ فَقَالَ مَالِكٌ (١)، وَأَبُو حَنِيفَةَ (٢): ذَلِكَ مِنْ شَرْطِهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ (٣): لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ ذَلِكَ. وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ: قِيَاسُهُ عَلَى نَذْرِ الصَّوْمِ الْمُطْلَقِ).

إذا نذر اعتكاف شهر، لزمه شهر بالأهلة، أو ثلاثون يومًا. وهل يلزمه التتابع؟ الجواب: على قولين:

أحدهما: لا يلزمه. وهو مذهب الشافعي؛ لأنه معنى يصح فيه التفريق، فلا يجب فيه التتابع بمطلق النذر، كالصيام.

والثاني: يلزمه التتابع. وهو قول أبي حنيفة ومالك.

وإن قال: للَّه عليَّ أن أعتكف أيام هذا الشهر، أو ليالي هذا الشهر، لزمه ما نذَر، ولم يدخل فيه غيره. وكذلك إن قال: شهرًا في النهار، أو في الليل.

* قوله: (وَأَمَّا مَوَانِعُ الِاعْتِكَافِ: فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا مَا عَدَا الْأَفْعَالَ


(١) يُنظر: "الجامع لمسائل المدونة"، للصقلي (٣/ ١٢١٨)، حيث قال: "والسنة في الاعتكاف التتابع. قال ابن القاسم: فمن نذر اعتكاف شهر أو ثلاثين يومًا فلا يفرقه، وليعتكف ليله ونهاره".
(٢) يُنظر: "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع"، للكاساني (٢/ ١١١)، حيث قال: "ولو قال: للَّه عليَّ أن أعتكف شهرا يلزمه اعتكاف شهر، أي شهر كان، متتابعًا في النهار والليالي جميعًا، سواء ذكر التتابع أو لا".
(٣) يُنظر: "مختصر المزني" (٨/ ١٥٧)، حيث قال: " (قال الشافعي): وإن جعل على نفسه اعتكاف شهر ولم يقل: متتابعًا. أحببته متتابعًا. (قال المزني): وفي ذلك دليل أنه يجزئه متفرقًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>