للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الَّتِي هِيَ أَعْمَالُ الْمُعْتَكِفِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ الْخُرُوجُ مِنَ الْمَسْجِدِ إِلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ، أَوْ مَا هُوَ فِي مَعْنَاهَا مِمَّا تَدْعُو إِلَيْهِ الضَّرُورَةُ (١)؛ لِمَا ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِذَا اعْتَكَفَ يُدْنِي إِلَيَّ رَأَسَهُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَأُرَجِّلُهُ، وَكَانَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ (٢). وَاخْتَلَفُوا إِذَا خَرَجَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ: مَتَى يَنْقَطِعُ اعْتِكَافُهُ؟ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ (٣): يَنْتَقِضُ اعْتِكَافُهُ عِنْدَ أَوَّلِ خُرُوجِهِ، وَبَعْضُهُمْ (٤) رَخَّصَ فِي السَّاعَةِ، وَبَعْضُهُمْ (٥) فِي الْيَوْمِ).

المعتكف ليس له الخروج من معتكفه، إلا لما لا بدَّ له منه، ولا خلاف في أن له الخروج لما لا بدَّ له منه؛ ولأن هذا لا يمكن فعله في المسجد، فلو بطَل الاعتكاف بخروجه إليه، لم يصح لأحد الاعتكاف.

ولأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يعتكف، وقد علمنا أنه كان يخرج لقضاء حاجته، والمراد بحاجة الإنسان البول والغائط، كَنَّى بذلك عنهما؛ لأن كل


(١) يُنظر: "الإجماع"، لابن المنذر (ص: ٥٠)، حيث قال: "وأجمعوا على أن للمعتكف أن يخرج عن معتكفه للغائط والبول".
(٢) أخرجه مسلم (٢٩٧).
(٣) يُنظر: "مختصر المزني" (٨/ ١٥٧)، حيث قال: " (قال الشافعي): … وإن خرج لغير حاجة نقض اعتكافه".
(٤) وهو مذهب أبي حنيفة، يُنظر: "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق"، للزيلعي (١/ ٣٥١)، حيث قال: " (فإن خرج ساعة بلا عذر فسد)؛ أي: فسد اعتكافه وهذا عند أبي حنيفة".
(٥) يُنظر: "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق"، للزيلعي (١/ ٣٥١)، حيث قال: " (فإن خرج ساعة بلا عذر فسد)؛ أي: فسد اعتكافه وهذا عند أبي حنيفة، وقالا: لا يفسد إلا بأكثر من نصف يوم. وقوله: أقيس؛ لأن الخروج ينافي اللبث، وما ينافي الشيء يستوي فيه القليل والكثير، كالأكل والشرب في الصوم والحدث في الطهر، وقولهما استحسان، وهو أوسع لأن القليل منه لو لم يبح لوقعوا في الحرج؛ لأنه لا بدَّ منه لإقامة الحوائج، ولا حرج في الكثير والفاصل أكثر من نصف النهار إذ الأقل تابع للأكثر كما في نية الصوم".

<<  <  ج: ص:  >  >>