للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنسان يحتاج إلى فعلهما، وفي معناه الحاجة إلى المأكول والمشروب، إذا لم يكن له من يأتيه به، فله الخروج إليه إذا احتاج إليه، وإن بغتَه القيءُ، فله أن يخرج ليتقيأَ خارج المسجد، وكل ما لا بدَّ له منه، ولا يمكن فعله في المسجد، فله الخروج إليه، ولا يفسد اعتكافه وهو عليه، ما لم يطل. وكذلك له الخروج إلى ما أوجبه اللَّه تعالى عليه، مثل من يعتكف في مسجد لا جمعة فيه، فيحتاج إلى خروجه ليصلي الجمعة، ويلزمه السعي إليها، فله الخروج إليها، ولا يبطل اعتكافه. وبهذا قال أبو حنيفة.

وقال الشافعي: لا يعتكف في غير الجامع، إذا كان اعتكافه يتخلَّله جمعة. فإن نذر اعتكافًا متتابعًا، فخرج منه لصلاة الجمعة، بطل اعتكافه، وعليه الاستئناف؛ لأنه أمكنه فرضه بحيث لا يخرج منه، فبطل بالخروج، كالمكفِّر إذا ابتدأ صوم الشهرين المتتابعين في شعبان أو ذي الحجة.

ولنا أنه خرج لواجب، فلم يبطل اعتكافه، كالمعتدَّة تخرج لقضاء العدة، وكالخارج لإنقاذ غريق، أو إطفاء حريق، أو أداء شهادة تعينت عليه؛ ولأنه إذا نذر أيامًا فيها جمعة، فكأنه استثنى الجمعة بلفظه، ثم تبطل بما إذا نذرت المرأة أيامًا فيها عادة حيضها، فإنه يصح مع إمكان فرضها في غيرها، والأصل غير مسلم. إذا ثبت هذا، فإنه إذا خرج لواجب، فهو على اعتكافه، ما لم يطل؛ لأنه خروج لما لا بدَّ له منه، أشبه الخروج لحاجة الإنسان. فإن كان خروجه لصلاة الجمعة، فله أن يتعجل.

* قوله: (وَاخْتَلَفُوا: هَلْ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتًا غَيْرَ بَيْتِ مَسْجِدِهِ؟ فَرَخَّصَ فِيهِ بَعْضُهُمْ وَهُمُ الأَكْثَرُ؛ مَالِكٌ (١)، وَالشَّافِعِيُّ (٢)، وَأَبُو حَنِيفَةَ،


(١) يُنظر: "المدونة" (١/ ٢٩٨)، حيث قال: "وقال مالك: لا يبيت المعتكف إلا في المسجد الذي اعتكف فيه، إلا أن يكون خباؤه في رحبة من رحاب، المسجد. وقال مالك: ومما يدل على ذلك، أنه لا يبيت إلا في المسجد قول عائشة: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا اعتكف لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان".
(٢) يُنظر: "بحر المذهب"، للروياني (٣/ ٣١٩)، حيث قال: "فلو اعتكف الرجل في =

<<  <  ج: ص:  >  >>