للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّ ذَلِكَ يُبْطِلُ اعْتِكَافَهُ. وَأَجَازَ مَالِكٌ (١) لَهُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ، وَأَنْ يَلِيَ عَقْدَ النِّكَاحِ (٢)، وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ فِي ذَلِكَ (٣). وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: أَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ حَدٌّ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ إِلَّا الِاجْتِهَادُ، وَتَشْبِيهُ مَا لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَيْهِ بِمَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ).

لا بأس أن يتزوج المُعتكف في المسجد، ويشهد النكاح؛ لأن الاعتكاف عبادة لا تحرِّم الطيب، فلم تحرِّم النكاح كالصوم، ولأن النكاح طاعة، وحضوره قُرْبةُ، ومدته لا تتطاول، فيتشاغل به عن الاعتكاف، فلم يُكره فيه؛ كتشميت العاطس، وردِّ السلام.

* قوله: (وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا: هَلْ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَشْتَرِطَ شُهُودَ جَنَازَةٍ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ؟ فَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ (٤) عَلَى أَنَّ شَرْطَهُ لَا يَنْفَعُهُ، وَأَنَّهُ إِنْ فَعَلَ


= مسجد بيته وجهان؛ أحدهما: يجوز اعتبارًا بان صلاة نفله في بيته أفضل. وأصل الاعتكاف نفل ففي البيت أفضل. والثاني: لا يجوز ولعتبر بفرضه وفرضه في المسجد أفضل بخلاف المرأة".
(١) يُنظر: "المدونة" (١/ ٢٩٣)، حيث فيها: "قيل لابن القاسم: ما قول مالك في المعتكف؛ أيشتري ويبيع في حال اعتكافه؟ فقال: نعم. إذا كان شيئًا خفيفًا لا يشغله من عيش نفسه".
(٢) يُنظر: "المدونة" (١/ ٢٩٣)، حيث فيها: "وَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْكِحَ الْمُعْتَكِفُ".
(٣) مذهبُ أبي حنيفة كمذهب مالك، يُنظر: "التجريد"، للقدوري (٤/ ١٨٣٣)، حيث قال: "قال أصحابنا: يجوز للمحرم أن يُزوَّج، ويتزوج".
ومذهب الشافعي، يُنظر: "المهذب في فقة الإمام الشافعي"، للشيرازي (١/ ٣٥٦)، حيث قال: "ويجوز للمعتكف أن يتزوج ويزوج؛ لأنها عبادة لا تحرم الطيب فلا تحرم النكاح".
وأحمد، يُنظر: "مختصر الخرقي" (ص: ٥٢)، حيث قال: "والمعتكف لا يتجر ولا يتكسب بالصنعة، ولا بأس أن يتزوج في المسجد ويشهد النكاح".
(٤) وهو مذهب المالكية، يُنظر: "المدونة" (١/ ٢٩٣)، حيث فيها: "قال ابن وهب عن يونس عن يزيد، أنه سأل ابن شهاب عن رجل اعتكف وشرط أن يطلع إلى قريته اليوم واليومين ويطلع على أهله ويسلم عليهم أو لحاجة. قال: لا شرط في الاعتكاف في السنة التي مضت".

<<  <  ج: ص:  >  >>