الحيض حدث يمنع اللبث في المسجد، فهو كالجنابة، وآكد منه، وإذا ثبت هذا فإن المسجد إن لم يكن له رَحْبة، رجعت إلى بيتها، فإذا طهرت رجعت فأتمت اعتكافها، وقضت ما فاتها، ولا كفارة عليها.
وقال مالك، والشافعي: ترجع إلى منزلها، فإذا طهرت فلترجع؛ لأنه وجب عليها الخروج من المسجد، فلم يلزمها الإقامة في رحبته، كالخارجة لعدة، أو خوف فتنة.
لا حرج إذا خرج لما له بدٌّ، فإذا خرج لما ليس له منه بد، بطل اعتكافه وإن قل. وبه قال أبو حنيفة، ومالك، والشافعي.
وقال أبو يوسف، ومحمد بن الحسن: لا يفسد حتى يكون أكثر من نصف يوم؛ لأن اليسير معفوٌّ عنه، بدليل: أن صفية -رضي اللَّه عنها- أتت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تزوره في معتكفه، فلما قامت لتنقلب خرج معها ليقلِبَها. ولأن اليسير معفو عنه، بدليل ما لو تأنى في مشيه.
والصواب: أن هذا خروج من معتكفه لغير حاجة، فأبطله، كما لو أقام أكثر من نصف يوم، وأما خروج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فيحتمل أنه لم يكن له بد؛ لأنه كان ليلًا، فلم يأمن عليها، ويحتمل أنه فعل ذلك لكون اعتكافه تطوعًا، له ترك جميعه، فكان له ترك بعضه، ولذلك تركه لما أراد نساؤه الاعتكاف معه. وأما المشي فتختلف فيه طباع الناس، وعليه في تغيير مشْيِه مشقة، ولا كذلك هاهنا، فإنه لا حاجة به إلى الخروج.
(١) مذهب الأحناف، يُنظر: "الأصل المعروف بالمبسوط"، للشيباني (٢/ ٢٨٤)، حيث قال: "وإذا أغمى على المعتكف أيامًا أو أصابه لمم فى اعتكاف واجب عليه فعليه إذا برئ وصح أن يستقبل الاعتكاف".=