للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ شَيْءٌ مَحْدُودٌ مِنْ قِبَلِ السَّمْعِ، فَيَقَعُ التَّنَازُعُ مِنْ قِبَلِ تَشْبِيهِهِمْ مَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ بِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ، أَعْنِي: بِمَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْعِبَادَةِ، أَوْ فِي الْعِبَادَاتِ الَّتِي مِنْ شَرْطِهَا التَّتَابُعُ، مِثْل صَوْمِ النَّهَارِ وَغَيْرِهِ).

إن تعذر عليه المقام في المسجد؛ لمرض لا يمكنه المقام معه فيه، كالقيام المتدارك، أو سَلَسِ البول، أو الإغماء، أو لا يمكنه المقام إلا بمشقة شديدة، مثل أن يحتاج إلى خدمة وفراش، فله الخروج.

وإن كان المرض خفيفًا، كالصداع، ووجع الضرس، ونحوه، فليس له الخروج. فإن خرج بطل اعتكافه. وله الخروج إلى ما يتعين عليه من الواجب، مثل الخروج في النفير إذا عَمَّ، أو حضر عدو يخافون كلبه، واحتيج إلى خروج المعتكف، لزمه الخروج؛ لأنه واجب متعيِّن، فلزم الخروج إليه، كالخروج إلى الجمعة.

وإذا خرج ثم زال عذره، نظرنا، فإن كان تطوعًا فهو مخيَّر، إن شاء رجع إلى معتكفه، وإن شاء لم يرجع، وإن كان واجبًا رجع إلى معتكفه، فبنى على ما مضى من اعتكافه.


= ومذهب المالكية، يُنظر: "المدونة" (١/ ٢٩١)، حيث قال: "قلت: أرأيت من دخل في اعتكافه فأغمي عليه أو جن بعدما اعتكف أيامًا؟ فقال: إذا صح بَنَى على اعتكافه ووصل ذلك بالأيام التي اعتكفها، فان هو لم يصلها استأنف ولم يبنِ. قلت: أتحفظه عن مالك؟ فقال: قال مالك في المغمى عليه والمجنون: أنه مرض من الأمراض وهذا مثله".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "الحاوي الكبير"، للماوردي (٣/ ٤٩٥)، حيث قال: "فأما إذا جُنَ المعتكف ثم أفاق فلا يختلف المذهب، أنه يبني على اعتكافه سواء خرج من المسجد في حال جنونه أم لا؛ لأن فعل المجنون كلا فعل فكان أسوأ حالًا من الناسي، وإنما لم يبطل أعتكافه بالجنون؛ لأنه مغلوب على زوال عقله بأمر هو فيه معذور، فصار كمن غلب على الخروج، وكذلك لو أغمي عليه".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "الإنصاف"، للمرداوي (٣/ ٣٥٨)، حيث قال: "ولا يبطل بإغماء جزم به في الرعاية وغيرها، واقتصر عليه في الفروع".

<<  <  ج: ص:  >  >>