للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقلنا: إنَّ حجه صحيح، فهل يكفيه عن حجة الإسلام أم لا؟ الصحيح: أن الصبي يصح حجه، والدليل على ذلك: قصة تلكم المرأة التي رفعت صبيًّا، فقالت: يا رسول اللَّه، ألهذا حَجٌّ؟ قال: "نعم، ولك أجر" (١)، إذًا هو له حج، وأضاف الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- الذي أُوتي جوامع الكلم (٢) بأن لها أجرًا؛ لأن أسلوبه -صلى اللَّه عليه وسلم- الجواب بحكمة، كما أجاب عن سؤالهم: إنَّا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا! فماذا قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: "هو الطَّهور ماؤه، الحِلُّ مَيتته" (٣)، فلما رآهم قد ترددوا في طهارة ماء البحر خشي -أيضًا- أن يَترددوا فيما هو أهم، ألا وهو لحمه، فقال: "هو الطَّهور ماؤه، الحِل ميتته"، وهنا قال: "نعم، ولك أجر"، "نَعَمْ"، ثم أضاف: "ولَكِ أجر"؛ لماذا؟ لأنها ستكون سببًا في أن هذا الصبي يؤدي هذه القُربة، وهي ستسجل لهذا الصغير في سجل حسناته، فهو وإن كان صغيرًا غير مكلف، لكنه يثاب على أعماله الصالحة، فإذا تسببت في عمل من أعمال الخير، بأن أخذت -مثلًا- بيد أخيك المسلم وأرشدته إلى الطريق، أو دللته وأرشدته إلى مسألة من المسائل اليسيرة، فأنت ستثاب على ذلك، فكل عمل تعمله في هذه الحياة من أعمال الخير ستجده مكتوبًا مدونًا مُسطرًا لك، ستجده ذخره في يوم القيامة، الآن مثلًا إنسان يَجمع أموالًا؟ لماذا يجمع هذا الأموال؟ يجمع


= الوقوف وقبل خروج وقته ولم يَعد إلى الموقف لم يُجزئه عن حجة الإسلام على الصَّحيح".
وعند الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٢/ ٣٧٩)، حيث قال: " (فلا يجب) الحج ولا العمرة (على الصغير) للخبر، ولأنه غير مكلف. . .، (ويصح) الحج (منهم)؛ كالعمرة؛ أي: مِن الصغير؛ لحديث ابن عباس: "أنَّ امرأة رفعت إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صَبِيًّا، فقالت: يا رسول اللَّه، ألهذا حج؟ قال: "دعَمْ، ولكِ أجر"، رواه مسلم".
(١) أخرجه مسلم (١٣٣٦).
(٢) جوامع الكلم: واحدها: جامعة، وهي الألفاظ اليسيرة ذات المعاني الكثيرة. انظر: "النهاية" لابن الأثير (١/ ٢٩٥).
(٣) أخرجه أبو داود (٨٣)، وغيره، وصححه الألباني في "المشكاة" (٤٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>