للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زوجته خرجت إلى الحج- أمره أن ينطلق وراءها ليحج معها.

فهذه الأدلة لم تضع قيودًا أُخرى، ولذلك يقول الإمام الجليل ابن المنذر (١): "إن هؤلاء الأئمة -يعني بذلك مالكًا والشافعي ومَن معهم- لم يأخذوا بالقول الظاهر من هذا الحديث؛ لأن الحديث ظاهره أن المرأة لا تُسافر إلا ومعها ذو مَحرم، ونجد أنهم اشترطوا شروطًا لا دليل عليها؛ فبعضهم يقول: تسافر مع رفقة مؤمنة. وبعضهم يقول: تسافر مع عدد. وبعضهم يقول: تسافر مع نساء". وهكذا نجد أنهم يذكرون عدة أسباب دون أن نجد نصًّا يدل عليها، بينما نراهم لم يعملوا بما جاء في هذا الأحاديث.

* قال: (وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَحْمَدُ (٢)، وَجَمَاعَةٌ (٣): "وُجُودُ ذِي الْمَحْرَمِ وَمُطَاوَعَتُهُ لَهَا شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ").

الآن العلماء انقسموا إلى قسمين؛ فأبو حنيفة وأحمد ومعهم جمع كثير من السلف يرون: أنه لا يجوز لامرأة أن تسافر إلى الحج إلا مع ذي مَحرم.

وذهب مالك والشافعيُّ (٤) ومَن وافقهما إلى أن ذلك ليس شرطًا، وأنه يجوز للمرأة أن تسافر بغير مَحرم، وأن عدم وجود المحرم لا يكون سببًا مانعًا من أدائها الحج.


(١) انظر "الإشراف على مذاهب العلماء"، لابن المنذر (٣/ ١٧٦)، حيث قال: "وأغفلَ قومٌ القولَ بظاهر الحديث، وشرط كلُّ رجل منهم شرطًا لا حُجَّة معهم فيما اشترطوه.
قال مالك: تَخرج مع جماعة من النِّساء.
وقال الشافعي: تَخرج مع ثِقة حُرَّة مُسلمة".
(٢) تقدَّم قولهما.
(٣) يُنظر: "الإشراف" لابن المنذر (٣/ ١٧٦)، حيث قال: "واختلفوا في وجوب الحَجِّ على المرأة التي لا مَحرم لها.
فقالت طائفة: المَحرم مِن السبيل؛ منهم النخعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، أصحاب الرأي".
(٤) تقدَّم قولهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>