للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذًا، قد تكلم المؤلف عن الحج، وعلى مَن يجب؟ ومتى يجب؟ وما شروطه؟ وغير ذلك، فالمؤلف قد انتهى من المقدمة المتعلقة بالحج، وسينتقل الآن إلى الشطر الثاني، ألا وهي العمرة.

* قال: (وَقَدْ بَقِيَ مِنْ هَذَا الْبَابِ الْقَوْلُ فِي حُكْمِ النُّسُكِ؛ الَّذِي هُوَ الْعُمْرَةُ).

إذًا، هناك نُسكان، يعني: الإنسان مطالب بأن يؤدي واجبين؛ الأول: وهو الحج، ولا شَكَّ أن تأكيد الحج أعظم من العمرة، يعني: الحج مؤكد تأكيدًا أعظم من تأكيد العمرة؛ لأن الحج لا خلاف فيه بين العلماء، بل أدلة الكتاب والسنة والإجماع كلها مُطبقة على أنه ركن من أركان الإسلام، كما قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بُني الإسلامُ على خمس"، ثم قال آخرها: "حَج بيت اللَّه الحرام" (١)، إذًا، هذا أمر لا خلاف فيه، ولا يجوز للمسلم أن يتساهل في هذا الأمر، أو أن يُفرط فيه.

بعد ذلك النسك الآخر، وهي العمرة، ومن توفيق اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لعباده وتيسيره عليهم أنه لم يشرع للعمرة سفرًا معينًا وحدها، وإنما للإنسان أن يسافر للعمرة لسفر مستقلٍّ، وله إذا سافر إلى الحج أن يَعتمر، وهذا من توفيق اللَّه وتيسيره على عباده ولطفه به وإحسانه إليهم وإنعامه، وما أكثر نعم اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى علينا.

إذًا، العمرة ليست شاقة بالنسبة للمؤمنين، فإذا ما هيَّأت نفسك وأتيت للحج فما عليك إلا أن تطوف بالبيت سبعة أشواط، وأن تسعى بين الصفا والمروة كذلك سبعة، وأن تحلق أو تُقصر (٢)، هذه هي العمرة إلى


(١) جزء من حديث ابن عمر تقدَّم تخريجه.
(٢) أركان العمرة.
عند الحنفية، يُنظر: "رد المحتار" لابن عابدين (٢/ ٤٧٢)، حيث قال: "هي إحرام وطواف وسعي وحلق أو تقصير، فالإحرام شرط، ومعظم الطواف ركن".
وعند المالكية، يُنظر: "مواهب الجليل" للحطاب (٣/ ٨)، حيث قال: "أركان العمرة =

<<  <  ج: ص:  >  >>