للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

درجات عند اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وهو التقوى، قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، فصاحب المنزلة الرفعية والمكانة العالية عند اللَّه هو الذي يتقي اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ويعمل بشرعه، هذا هو الذي له مكانة عالية، أما مهما ارتفع نسب الإنسان فإنَّه لا يُفيده ذلك إذا لم يعمل بشرعه؛ يقول الشاعر (١):

أبي الإسلام لا أبَ لِي سِوَاه … إذا ما افتخروا بقيسٍ أو تميم

إذًا، الفخر كل الفخر أن تفتخر بأنك مسلم، فما أجمل هذه الكلمة! وما أعذبها! وما أحلاها! فعندما تنطق بها بلسانك تقول: أنا مسلم؛ لأن اللَّه تعالى يقول: {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ} [الحج: ٧٨]، {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: ١٩]، إذًا الإسلام نعمة من نعم اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وهي أعظم نعمة نفتخر بها، وما يأتي بعدها من نعم اللَّه كثيرة، لا تُعد ولا تُحصى، وكلها عظيمة، لكن نعمة الإسلام تأتي في مقدماتها؛ فالحمد للَّه على ذلك، إذًا نحن جمع غفير والحمد للَّه، فلو أن المسلمين تجمعوا في هذه المشاعر لا يُمكن أن يحصل ذلك، وسيترتب عليه أضرار كثيرة أخرى، فكان من توفيق اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن جعل الحج مرة واحدة، فمن زاد فهو تطوع.

ثم بعد ذلك نأتي إلى موضوع حديثنا، وهو (العمرة)، فالعمرة ليست بمثابة الحج من حيث الدرجة، ومن حيث الحكم، ولذلك اختلف العلماء فيها: أهي واجبة أم هي سنة؟ (٢)، فمن العلماء مَن قال: إنها واجبة.


(١) البيتُ لنهار بن توسعة اليشكري، انظر: "الكامل في اللغة والأدب" للمبرد (٣/ ١٣٣).
(٢) العمرة عند أكثر الحنفية سُنَّة مؤكدة في العمر مرة واحدة. يُنظر: "البناية شرح الهداية" للعيني (٤/ ٤٢٧)، حيث قال: " (والعمرة أولى بالرَّفض). ش: من الحج. م: (لأنَّها أدنى حالًا، وأقل أعمالًا وأيسر قضاء؛ لكونها غير موقتة). ش: لأن العمرة سنة، والحج فريضة؛ لأن أداءها يمكن في جميع السنة إلا خمسة أيام يكره فيها". وانظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٢/ ٢٢٦).
وعند المالكية، انظر: "حاشية الدسوقي على الشرح الكبير" (٢/ ٢)، حيث قال: "وتقع العمرة سنة كفاية، فإن لم يقصد ذلك كان كل منهما مندوبًا. (قوله: وهي =

<<  <  ج: ص:  >  >>