للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد رسم الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- لنا طريقًا سويًّا محددًا لا يتطرق إليه أي شبهة أو أي اختلاف.

فوقت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأهل المدينة: ذا الحليفة، فما هو ذو الحليفة؟

هو هذا الذي يعرف الآن بأبيار علي، لكن لماذا سُمِّي بذي الحليفة (١)؟

كلمة (حُليفة) في لغة العرب: إنما هي تصغير حَلْفَا، وهي نبت معروف يكثر في ذلك المكان، فحليفة حذفت الألف، وأقيمت التاء مكانها؛ لأنها علامة التأنيث، فحليفة تصغير حلف، والحلفا: إنما هو شجر معروف يَكثر في ذلك المكان؛ فنسب إليه لشهرته بهذا النبت المعروف، وهو يُعرف الآن بأبيار عليٍّ، ويقال: إن لعلي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- بئرًا في هذا المكان.

فالرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- وَقَّتَ لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام ومثلهم -أيضًا- أهل مصر وكذلك المغرب وكل مَن مَرَّ على ذلك المكان: الجُحفة.

والجحفة (٢) هذه مكان معروف، وكان موجودًا في زمن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، والرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- سأل ربه تعالى أن يُحَبِّب إليهم المدينة كحبِّهم مكة فقال: "اللهم حَبِّب إلينا المدينة"، وسأل ربه أن يبارك للمسلمين في مدها وصاعها، وجاء -أيضًا- في الحديث: "اللهم حَبِّب إلينا المدينة كحُبِّنا مكة أو أَشَد، اللهم بارك لنا في صاعها وفي مُدِّها، وصَحِّحها لنا، وانقل حُمَّاها إلى الجحفة" (٣)، فإن المدينة كانت مشهورة بالحُمَّى؛ أي: يُحم


(١) ذو الحليفة: قرية بينها وبين المدينة ستة أميال أو سبعة، ومنها: ميقات أهل المدينة، وهو من مِياه جشم، بينهم وبين بني خفاجة من عقيل. انظر: "معجم البلدان"، للحموي (٢/ ٢٩٥).
(٢) الجحفة: موضع بين مكة والمدينة، وهي ميقات أهل الشام، وكان اسمها مهيعة، فأجحف السيل بأهلها، فسميت جحفة. انظر: "مختار الصحاح" للرازي (ص: ٥٣).
(٣) يعني: حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "اللَّهمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ =

<<  <  ج: ص:  >  >>