وعند المالكية، يُنظر: "مواهب الجليل" للحطاب (٣/ ٤٢)، حيث قال: "المارُّ بالميقات إذا كان مريدًا لدخول مكة، ولم يكن كعبد، ولا مِن المترددين، ولا ممن عاد لأمر، فإنه يَجب عليه الإحرام؛ سواء أراد دخولها لأحد النُّسكين أو لغير ذلك، فإن دخلها بغير إحرام، فقد أساء؛ أي: أَثِم، إِلَّا أنه لا دم عليه إن لم يقصد دخولها لأجل نُسك، وإنما دخلها لحاجة أُخرى، أو لأنها بلده، أو لغير ذلك، وظاهره: ولو أراد النسك بغير ذلك وأحرم من الطريق أو من مكة". وعند الشافعية، يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٣/ ٢٧٧)، حيث قال: "مَن قصد مكة أو الحرم ولو مكيًّا أو عبدًا أو أنثى لم يَأذن لهما سيد أو زوج في دخول الحرم؛ إذ الحرمة من جهة لا تُنافي الندب من جهة أُخرى لا لنسك، بل لنحو زيارة أو تجارة استحب له أن يُحرم بحج إن كان في أشهره، ويُمكنه إدراكه أو عمرة، وإن لم يكن في أشهره؛ كتحية المسجد لداخله، ويكره تركه للخلاف في وجوبه". وعند الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (١/ ٥٢٦)، حيث قال: "لا يَحل لمكلف حُر مسلم أراد مكة نصًّا، أو أراد الحرم، أو أراد نسكًا تجاوز ميقات بلا إحرام؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- وَقَّت المواقيت ولم يُنقل عنه ولا عن أحد من أصحابه أنه تجاوز ميقاتًا بلا إحرام، وعُلم منه: أنه يجوز الإحرام مِن أول الميقات وآخره، لكن أوله أولى إِلَّا إن تجاوزه لقتال مباح؛ لدخوله -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم فتح مكة وعلى رأسه المغفر، ولم ينقل عنه ولا عن أحد من أصحابه: أنه دخل مكة محرمًا ذلك اليوم، أو لخوف، أو حاجة تتكرر؛ كحطاب ونحوه؛ كناقل ميرة، وحشاش، فلهم الدخول بلا إحرام؛ لما روى حرب عن ابن عباس: "لا يدخل إنسان مكة إِلَّا محرمًا إِلَّا الحَمَّالين والحَطَّابين وأصحاب منافعها"، احتج به أحمد، وكَمَكِّي يَتردد لقريته بالحِل؛ دفعًا للمشقة والضَّرر؛ لتكرره".