للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-أَيْضًا- فِي أَنْوَاعِ الْحَجِّ الثَّلَاثِ، وَهُوَ شَوَّالٌ وَذُو الْقِعْدَةِ وَتِسْعٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ بِاتِّفَاقٍ).

هذه مسألة فيها خلاف بين العلماء (١)، والخلاف يدور حول قول اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}، والقول المشهورفي لغة العرب: أنَّ الجمع أقله ثلاثة، هذا هو القول المشهور (٢)، وهنالك قول بأن أقل الجمع اثنان (٣)، إذًا المسألة فيها خلاف؛ فمنهم مَن يقول: أشهر الحج: هي شَوَّال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة. ومنهم مَن يقول؛ وتسع مِن ذي الحجة. ومنهم من يقول: الأشهر الثلاثة كلها أشهر الحج. فمن يقول: شوال وذو القعدة وتسع من ذي الحجة هم الشافعية. ومَن يقول: وعشر من ذي الحجة هم الحنفية والحنابلة. ومَن يقول: شوال وذو القعدة وذو الحجة هم المالكية.

وفي نظري أن رأي المالكية هو الأقوى في ذلك، ولا يلزم أن يُورد على هذا اعتراض، فيقال: إن بقية الأيام لا تُؤدى فيها المناسك، فنقول شوال -أيضًا- لا يؤدى فيه ولا شيء من ذي القعدة، لكن اللَّه تعالى قال: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: ١٩٧]، ما قال: في أشهر؛ لأن هناك فرقًا بين أن يقال: {أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}، أو فى أشهر معلومات، فلما يقال: في أشهر يكون الشهر إنَّما هو ظرف، والظرف واسع، فأنت تؤدي في هذا الشهر، فيكون الأداء إنَّما هو في بعضه، فيترجح قول الذين يقولون: تسع أو عشر.


(١) تقدَّم الكلام على هذا.
(٢) يُنظر: "أوضح المسألك إلى ألفية ابن مالك" لابن هشام (١/ ٣٥)، حيث قال: "وبما هو مشهور من أنَّ أقل الجمع ثلاثة".
(٣) يُنظر: "شرح كتاب سيبويه" للسيرافي (٤/ ٢٣١)، حيث قال: "والاثنان أقل الجمع، والذي يلي الاثنين ثلاثة يقال فيهم: (مسلمون)، وقد وافق (مسلمون): (مسلمين) بسلامة لفظ الواحد، فلما كان ثلاثة وأربعة، وما قرب من هذه الأعداد القليلة أقرب إلى الاثنين مما كثر وبعد عن الاثنين صار الواو والنون هو الأصل في الجمع القليل، ولهذا قال سيبويه: "وإنما صارت الياء والواو والنون لتثليث أقل العدد إلى تعشيره".

<<  <  ج: ص:  >  >>