للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا هو الأقرب إلى الصواب؛ لأنه ورد عن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- حديث عبد اللَّه بن عمر السابق (١)، ثم جاء حديث عبد اللَّه بن عباس متأخرًا عنه (٢)، فدلَّ على الإنسان إذا لم يجد قميصًا يلبس السراويل، وإذا لم يجد نعلًا يلبس الخف، ولم يأمر الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بقطعهما، وكان ذلك آخر الأمرين من الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- فكان ناسخًا للأول، وليس كل الذين كانوا مع الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- في المدينة هم الذين كانوا معه في مكة، أو في المشاعر؛ بل هناك أناس كثيرون جاؤوا من كل فجٍّ عميق ليشهدوا منافع لهم، فكثير منهم لم يسمع قول الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، فدل ذلك على أن آخر الأمرين من الرسول إنما هو لبس السراويل لمن لم يجد ثوبًا، ولبس الخف لمن لم يجد نعلًا، ولا يحتاج إلى قطعهما، ولا فدية عليه إن شاء اللَّه.

* قوله: (وَعُمْدَةُ مَذْهَب مَالِكٍ: ظَاهِرٌ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمُتَقَدِّمِ، قَالَ: وَلَوْ كَانَ فِي ذَلِكَ رُخْصًة لَاسْتَثْنَاهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كَمَا اسْتَثْنَى فِي لُبْسِ الْخُفَّيْنِ).

إذا كان ذلك هو ما استدلَّ به الإمام، فإنه ثبت عنه أنه قال أيضًا على الملأ والنساء مجتمعون حوله: "خذوا عني مناسككم" (٣)، ثم بيَّن أن من لم يجد ثوبًا يلبس السراويل، ومن لم يجد نعلين فليلبس الخفين، ولم يأمر بالقطع، ولم يأمر بوجوب الفدية على من لبس السراويل في حقِّ من لم يجد الإزار فدل ذلك على جواز ذلك.

* قوله: (وَعُمْدَةُ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ: حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَقُولُ: "السَّرَاوِيل لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الْإِزَارَ، وَالْخُفُّ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ").


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) أخرجه مسلم (٣١١٥)، عن جابر قال: رأيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يرمي على راحلته يوم النحر، ويقول: "لتأخذوا مناسككم، فإني لا أدري لعلى لا أحج بعد حجتي هذه".

<<  <  ج: ص:  >  >>