للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولها" (١)، ومع أنَّ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لو يعلم الناس ما في النداء، والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا" (٢)؛ أي: يقترعون فيما بينهم، فخير صفوف النساء آخرها؛ لتكون بعيدة عن الرجال؛ لأنَّ المرأة جوهرة مصونة ينبغي أن تحافظ على نفسها، وأن يحافظ عليها أولياء أمورها، وليست كما يدعي أعداء الإسلام؛ بأن المرأة مهينة، وأنَّ المرأة لا تأخذ حقوقها، وأنها معدمة، فهذا جهل وعدم إدراكٍ لحقيقة الإسلام، ولما في هذه الشريعة من الفضل، وهي شريعة اللَّه الخالدة التي أنزلها الحكيم الخبير، قال تعالى: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٤)} [الملك: ١٤] فلا أعدل ولا أحكم من شريعة اللَّه، واللَّه تعالى يقول: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٥٠)} [المائدة: ٥٠]، ثم يقول اللَّه لنبيه: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الجاثية: ١٨].

* قوله: (مِنْ فَوْقِ رَأْسِهَا سَدْلًا خَفِيفًا تُسْتَرُ بِهِ عَنْ نَظَرِ الرِّجَالِ إلَيْهَا).

البعض يرى أنَّ المرأة تضع شيئًا على جبهتها، أو من أسفل؛ ليكون بغطاء حتى لا يمس وجهها (٣)، فهذا لم يشرع ولم يرد فيه دليل عن


(١) أخرجه مسلم (٩١٦).
(٢) أخرجه البخاري (٦١٥)، ومسلم (٩١٢).
(٣) هو مذهب الشافعية، يُنظر: "أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (١/ ٥٠٦)، قال: (ولها أن تسدل)؛ أي: ترخي على وجهها (ثوبا متجافيًا) عنه بخشبة أو نحوها،. .، (وإن أصابه) كأن وقعت الخشبة فأصاب الثوب وجهها (بلا اختيار منها فرفعته فورًا فلا فدية، وإلا) بأن اختارت ذلك أو لم ترفعه فورًا (وجبت) مع الإثم.
ومذهب الأحناف لكن على الندب، يُنظر: "رد المحتار" لابن عابدين (٢/ ٥٢٧ - ٥٢٨)، قال: (والمرأة) فيما مرَّ (كالرجل)؛ لعموم الخطاب ما لم يقم دليل الخصوص، (لكنها تكشف وجهها لا رأسها؛ ولو سدلت شيئًا عليه وجافته عنه جاز) بل يندب.
من الأول تأمل (قوله: وجافته)؛ أي: باعدته عنه. قال في الفتح: وقد جعلوا لذلك =

<<  <  ج: ص:  >  >>