للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقول السيدة عائشة (١): "أحرمنا؛ أي: حججنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فمنا من أهلَّ بحج، ومنا من أهلَّ بعمرة، ومنا من أهلَّ بحج وعمرة، وأهلَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بالحج، وأن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- إنما كان مقرنًا في حجه أي: أحرم بالحج والعمرة معًا (٢)؛ لكن هل بدأ بهما معًا؟ أو أنه بعد ذلك أدخل الحج على العمرة في حديث: "أتاني آتٍ من ربي" (٣)؟

تقول: إذا مرّ بنا ركب سدلنا الثوب من جهة رؤوسنا. . . أي: من جهة رؤوسنا تأخذ الغطاء فترخيه على وجهها، وإذا أبعد الأجانب عنهن رفعن الثوب. والرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يحج في هذا العام، وإنما أرسل أبا بكر -رضي اللَّه عنه- (٤)، وقد مكث -صلى اللَّه عليه وسلم- في المدينة ليقابل الوفود الذين جاؤوا من كل فج عميق من أنحاء هذه الجزيرة، بعضهم يعلن إسلامه، وبعضهم جاء ليتفقه في دين اللَّه، فقد كانوا بأمسِّ الحاجة إلى أن يبيِّن لهم الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- الهدى، ويرشدهم إلى طريق الخير فأرسل أبا بكر، ولأن آثار الشرك لم تزل بعدُ موجودة بمكة، وهناك من المشركين من كان لا يزال


(١) أخرجه البخاري (١٥٦٢)، ومسلم (٢٨٨٨)، عن عائشة -رضي اللَّه عنها- أنها قالت: "خرجنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عام حجة الوداع، فمنا من أهلَّ بعمرة، ومنا من أهلَّ بحجة وعمرة، ومنا من أهلَّ بالحج، وأهل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالحج، فأما من أهلَّ بالحج، أو جمع الحج والعمرة، لم يحلوا حتى كان يوم النحر".
(٢) وردت أدلة كثيرة تدل على أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- حج مقرنًا، منها: ما أخرجه البخاري (١٥٦٦)، ومسلم (٢٩٥٦)، عن حفصة، -رضي اللَّه عنها- زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنها قالت: يا رسول اللَّه، ما شأن الناس حلوا بعمرة، ولم تحلل أنت من عمرتك؟ قال: "إني لبدت رأسي، وقلدت هديي، فلا أحل حتى أنحر".
(٣) أخرجه البخاري (١٥٣٤)، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- يقول: إنه سمع عمر -رضي اللَّه عنه- يقول: سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بوادي العقيق يقول: "أتاني الليلة آت من ربي، ففال: صلِّ في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجة".
(٤) حجَّ أبو بكر بالناس في سنة تسع، أخرجه البخاري (٤٣٦٣)، ومسلم (٣٢٦٦)، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، أن أبا بكر الصديق -رضي اللَّه عنه- بعثه في الحجة التي أمره النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عليها قبل حجة الوداع يوم النحر في رهط يؤذن في الناس: لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان.

<<  <  ج: ص:  >  >>