للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِجُبَّةٍ مُضَمَّخَةٍ بِطِيبٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِي جُبَّةٍ بَعْدَمَا تُضَمَّخُ بِطِيبٍ؟ فَأُنْزِلَ الْوَحْيُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ الْعُمْرَةِ آنِفًا؟ فَالْتُمِسَ الرَّجُلُ فَأُتِيَ بِهِ، فَقَالَ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-: أَمَّا الطِّيبُ الَّذِي بِكَ فَاغْسِلْهُ عَنْكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَأَمَّا الْجُبَّةُ فَانْزِعْهَا ثُمَّ اصْنَعْ مَا شِئْتَ فِي عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجَّتِكَ" اخْتَصَرْتُ الْحَدِيثَ، وَفِقْهُهُ هُوَ الَّذِي ذَكَرْتُ).

الحجة التي تمسَّك بها الإمام مالك، ومن معه من بعض الصحابة، والتابعين هو الأثر المذكور السابق وفيه: إنه لما تضمخ ثوب الرجل في الطيب بعد أن كان محرمًا، ثم بقيت آثاره الواضحة على جبته التي يلبسها؛ أمره النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بنزع الجبة مطلقًا، وبغسل الطيب ثلاث مرات؛ مما يدل على كراهة ذلك، ولو كان جائزًا؛ لما أمره بغسل الثوب ثلاثًا، وبنزع الجبة التي ضُمِّخت بالطيب، أما قبل ذلك فهذا أمر جائز لأن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- فعله.

* قوله: (وَعُمْدَةُ الطَّرِيقِ الثَّانِي: مَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: "كُنْتُ أُطَيِّبُ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ وَلِحَلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ").

وحجة الفريق الثاني: وهو ما ذكرنا آنفًا من جواز الطيب هذا الحديث السابق الوارد في (الموطأ) (١) وهو في (الصحيحين) أيضًا: "كنت أطيِّب رأس رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لإحرامه قيل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت" (٢)، وفي رواية الصحيحين: "كنت أطيِّب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لإحرامه


(١) أخرجه مالك في "الموطأ" (٩٢٠).
(٢) لم أقف عليه بلفظ: (كنت أطيب رأس).

<<  <  ج: ص:  >  >>