للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمن العُلَماء الأوائل الَّذين كتبوا في ذلك: إمام دار الهجرة، الإمام مالك رحمهُ اللهُ، والذي كانت تضرب إليه أكباد الإبل من كل مكان، وممن ضرب إليه أكباد الإبل الإمام الشافعي الإمام الثالث رحمهما الله، جاء إلى الإمام مالكٍ رحمهُ اللهُ، وقرَأ علَيه كتابه المشهور: "الموطأ"، وَأخَذه عنه، ثم تَنقَّل الشَّافعيُّ إلى غير ذلك.

ثمَّ أخذ الفقهُ يتَّسع بعد الأئمة الأربعة رضوان الله عليهم.

وإذا قلنا: "الأئمة"، فينصرف اللفظ عند بعض أهل العلم إلى الأربعة (أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد).

وهُنَاك من العُلَماء الأعلام مَنْ لا يقلّ أهميةً ومكانةً علميَّةً عن أولئك، فَهُنَاك الإمام الثوري في العراق، والإمام الأوزاعيُّ في الشام، والإمام الليث بن سعد في مصر، وعلاقته بالإمام مالك مشهورة، والرَّسَائلُ المُتَبادلةُ بينهما قد سُجِّلت ودُوِّنَتْ في كُتُبٍ مسطورةٍ.

وهناك من الأئمة -رضوان الله عليهم- من دَوَّن فقهه بقلمه، فنجد الإمام أبا حنيفة وهو الإمام الجليل الذي كان يَتَردد بين الكوفة والبصرة يُنَافح فرقَ المعتزلة، ويُدَافع عن عقيدة السلف -رضوان الله عليهم- قَدْ كَتَب كتابه المعروف "الفقه الأكبر"، ولم يُقْصد بـ"الفقه الأكبر" الفقه في مصطلحنا الآن، لأن الفقهَ كان فيما مَضَى يُطْلق على ما يُرَادف الدِّين، ويُرَادف الشريعة، فلم يَكُنْ مَقْصورًا على التَّعريف الذي نَعْرفه الآن، ألَا وهو العِلْمُ بالأحكام الشَّرعيَّة العمليَّة المستمدَّة من أدلَّتها التفصيليَّة، ذَلكم التَّعريف الَّذي نُقِلَ عن الإمَام الشَّافعيِّ، وَالَّذي اختارَه أَهْلُ الأُصُول والفقه بَعْده.

لَكنَّ الإمامَ أبا حنيفة لم يُنْقل عنه أنه دَوَّن الفقه، وإنما دَوَّن كتابَه المعروف "الفقه الأكبر"، والَّذي يُعْنَى بأمور العقيدة.

ثمَّ جاء الإمامُ مالكٌ، فَدوَّن كتابَه المشهور كتاب الحديث "المُوطَّأ"، وهو يجمع إلى جانب الحديث أيضًا مسائل فقهية، وكذلك "المدونة" المعروفة، التي هي مدونة سحنون رواية ابن القاسم عن مالك، وهذه

<<  <  ج: ص:  >  >>