للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأَرْجَحَ أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ طَهَارَةِ أَسْآرِ الحَيَوَان الكَلْبُ وَالخِنْزِيرُ وَالمُشْرِكُ).

قال المؤلِّف: "يَعْسُرُ أَنْ يُوجَدَ فِيهَا تَرْجِيحٌ"، ثم أردف بالقول: "الأَرْجَحَ"، فكأنه يريد أن يقول: حتى تُرَجِّحِ ترجيحًا حاسمًا تطمئن نفسك إليه من كل جانب، فَهَذا أمرٌ صعبٌ، وَلكن على ضوء استقراء الأدلَّة وتتبُّعها، ومُنَاقشتهًا، ومَعْرفة الآراء، ووجهة كل قولٍ، قَدْ تطمئن النفس نسبيًّا إلى ما ذَهَب إليه، حيث إنه انتهى إلى أن النجسَ أنوأعٌ ثلاثةٌ: الكلبُ، والخنزيرُ، والمشركُ.

قوله: (لِصِحَّةِ الآثَارِ الوَارِدَةِ فِي الكَلْبِ).

تَرْجيح المؤلف له موضعٌ من التقدير والاحترام، فهو - لا شكَّ - انتهى إلى هذا القول، استنادًا إلى أَدلَّةٍ.

وَهُوَ فيمَا يَظْهر قارب من التَّرجيح الذي ينبغي أن يُؤْخذ به، ولكننا لا نلتقي معه في كل ما ذكر، ذلك أن قضية الترجيح ليست سهلة المنال، كما أن ترجيح قولٍ ليس معناه أنه هو الصواب، ولا ينبغي أن يكون القول الحق في غيره، فقد يأتي عالمٌ أو مدرسٌ فيرجح قولًا، ويأتي طَالبٌ من الطلاب، فيقف على ما لم يقف عليه غيره ويرجِّحه، وهذا من اختلاف وجهات النظر.

أَمَّا القول الذي أميل إليه في هذه المسألة هو مذهب الشافعية (١)، وأرى أنه أقوى المذاهب، وهو أَنَّ هَذِهِ الأسآر كلها طاهرة عدا سؤر الكلب والخنزير، أمَّا المشرك فلَوْ أردنا أن نتتبع ما وَرَد فيه، سنجد أن الرسول - عليه الصلاة والسلام - وأصحابه تعاملوا معهم، وقد توضأ - صلى الله عليه وسلم - من مزادة (٢) مشركة (٣)، وهناك أحاديث كثيرة تبعد ذلك القول وتضعفه، وعندما نبحث في المذاهب نجد أن فيها قولًا بهذا الرأي، فمذهب الحنابلة


(١) تقدم قوله.
(٢) تقدم تعريفها.
(٣) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>