للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (أَعْني أنه استعمل منه ما لم تُعَارضه عنده الأُصُولُ، وَلَمْ يَسْتَعْمِلْ مَا عَارَضَتْهُ مِنْهُ الأُصُولُ، وَعَضَّدَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ مَذْهَبُ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي رَوَى الحَدِيثَ) (١).

وهذا نُقِلَ عن أبي هريرة - رضي الله عنه -

قوله: (فَهَذِهِ هِيَ الأَشْيَاءُ الَّتِي حَرَّكَتِ الفُقَهَاءَ إِلَى هَذَا الاخْتِلَافِ الكَثِيرِ).

يَقْصدُ أنَّ ما وَرَد من نصوصٍ وآثارٍ في هذه المسألة هو الذي جَعَل الفقهاء يختلفون هذا الاختلافَ الكبيرَ، ففريقٌ يأخُذُ ببعض أدلة، وفريقٌ آخَر يأخذ بأُخرى، ولكلٍّ فَهْمُهُ، بل تَخْتلف الأدلَّة صحةً وضعفًا بينهم، وأيضًا قَدْ يبلغ هذا الفقيه حديثٌ لا يبلغ الآخر، وقد يبلغه عن طريقٍ صحيحٍ، ويبلغ الآخر عن طريق ضعيفٍ، وهَكَذا، وقد يجد له معارضًا، وهَذَا قدْ لا يثبت عنده المعارضة، وهكَذا، فأَسْبَابُ الخلَاف كثيرةٌ.

قوله: (فِي هَذِهِ المَسْأَلَةِ، وَقَادَتْهُمْ إِلَى الافْتِرَاقِ فِيهَا، وَالمَسْأَلَةُ اجْتِهَادِيَّةٌ مَحْضَةٌ يَعْسُرُ أَنْ يُوجَدَ فِيهَا تَرْجِيحٌ، وَلَعَلَّ الأَرْجَحَ أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ طَهَارَةِ أَسْآرِ الحَيَوَان: الكَلْبُ وَالخِنْزِيرُ وَالمُشْرِكُ).

يقول المؤلف -رحمه الله -: "يَعْسُرُ" وجود ترجيحِ إلا أنه من طرفٍ خفيٍّ ركَن إليه، وهذا التَّرجيح تطمئن إليه نُفُوسنا.

قال: (وَالمَسْأَلَةُ اجْتِهَادِيَّةٌ مَحْضَةٌ يَعْسُرُ أَنْ يُوجَدَ فِيهَا تَرْجِيحٌ، وَلَعَلَّ


(١) يُنظر: "تبيين الحقائق" للزيلعي (١/ ٣٢) حيث قال: "ولنا ما رواه الطحاوي بإسناده عن أبي هريرة، "أنه يغسل من وُلُوغ الكلب ثلاث مرات"، وهو الراوي لاشتراط السبع، وعندنا: إذا عمل الراوي بخلاف ما روى أو أفتى لا تبقى روايته حجة؛ لأنه لا يحل له أن يسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئًا فيعمل أو يفتي بخلافه، إذ تسقط به عدالته، فدلَّ على نسخه، وهو الظاهر؛ لأن هذا كان في الابتداء حين كان يشدد في أمر الكلاب، ويأمر بقتلها قلعًا لهم عن مخالطتها، ثم ترك".

<<  <  ج: ص:  >  >>