للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تجاوزت بعضها أكثر من ذلك، فالأولى أن يقال: إنَّ حاضري المسجد الحرام أهل مكة والحرم وهذا هو أقربها إلى الصواب؛ لأن اللَّه قال: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٩٦]، والحاضر في لغة العرب يطلق على القريب.

* قوله: (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ بِمِصْرَ: مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ لَيْلَتَانِ، وَهُوَ أَكمَلُ الْمَوَاقِيتِ، وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ: مَنْ كانَ سَاكِنَ الْحَرَمِ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: هُمْ أَهْلُ مَكَّةَ فَقَطْ).

مذهب الشافعي، وكذلك أحمد كما ذكرنا: أنَّ من كان دون مسافة القصر فهم من حاضر المسجد الحرام؛ لأن ليلتين هي مسافة قصر عند الجمهور (١)، وعند أبي حنيفة (٢) مسيرة ثلاثة أيام.


(١) مذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الصغير" للدردير (١/ ٤٧٤)، قال: (أربعة برد) متعلق بمسافر، برد بضم الموحدة والراء: جمع بريد بفتح الموحدة، والبريد أربعة فراسخ وثلاثة أميال، فمسافة القصر ستة عشر فرسخًا وثمانية وأربعون ميلًا، والميل ثلاثة آلاف ذراع وخمسمائة على الصحيح، وقيل: ألفا ذراع، وهي باعتبار الزمن مرحلتان؛ أي: سير يومين معتدلين، أو يوم وليلة بسير الإبل المثقلة بالأحمال على المعتاد من سير وحط وترحال وأكل وشرب وصلاة. معتبرة (ذهابًا) بفتح الذال المعجمة (ولو ببحر).
ومذهب الشافعية، يُنظر: "أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (٢٣٨١١)، قال: (. . .، أنها ثمانية وأربعون ميلًا هو الشائع ونصَّ عليه الشافعي ونصَّ أيضًا على أنها ستة وأربعون وعلى أنها أربعون ولا منافاة، فإنه أراد بالأول الجميع، وبالثاني غير الأول والآخر، وبالثالث الأميال الأموية (وهو)؛ أي: السفر الطويل بالفراسخ (ستة عشر فرسخًا، وهي أربعة برد، وهي سير يومين)، أو ليلتين، أو يوم وليلة (معتدلين) مع المعتاد من النزول، والاستراحة، والأكل، والصلاة ونحوها.
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (١/ ٢٩٢)، قال: (يبلغ)، أي: السفر (ستة عشر فرسخًا تقريبًا) لا تحديدًا (برًا، أو بحرًا) للعمومات (وهي)، أي: الستة عشر فرسخًا (يومان قاصدان)؛ أي: مسيرة يومين معتدلين بسير الأثقال ودبيب الأقدام (أربعة برد) جمع بريد.
(٢) يُنظر: "رد المحتار" لابن عابدين (٢/ ١٢٢)، قال: … (مسيرة ثلاثة أيام ولياليها) من أقصر أيام السنة ولا يشترط سفر كل يوم إلى الليل بل إلى الزوال ولا اعتبار =

<<  <  ج: ص:  >  >>