للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو قول الإمامين (الشافعي (١)، وأحمد) (٢) يعني: مسافة القصر وهي ثلاثة فراسخ، والفرسخ أربعة برد، والبرد ستة عشر فرسخًا وهو ثمانية وعشرون ميلًا، هذه المسافة التي تقصر فيها الصلاة وهي: ما بين الخمسة والسبعين والثمانين كيلو، قد جاء تحديدها عن عبد اللَّه بن عباس -رضي اللَّه عنهما- (٣)، قال: ما بين مكة، وجدة، وما بين مكة وعسفان؛ هذه المسافة تقصر فيها الصلاة، فنقل عن الإمامين الشافعي وأحمد: أنَّ حاضري المسجد الحرام هم: الذين يقطنون دون مسافة القصر، فهم قريبون من الحرم، ومن كان بعد ذلك فلا.

فِي قَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦].

وذهب أبو حنيفة: إلى أنَّ حاضري المسجد الحرام: من كانوا من أهل المواقيت، أو دون المواقيت، أما من كان بعد المواقيت كأهل المدينة مثلًا فليسوا من حاضري المسجد الحرام.

ويظهر -واللَّه أعلم- أنَّ أقربها إلى الصواب - هو قول من يقول: بأنَّ حاضري المسجد الحرام هم أهل مكة والحرم، إذ أن مكة قد اتسعت وامتدت، فنجد أنَّ بعض أطرافها قد تجاوزت الحرم من جهة التنعيم وربما


(١) يُنظر: "أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (١/ ٤٦٣)، قال: (أما حاضرو المسجد الحرام فلا دم عليهم وهم من دون مسافة القصر من الحرم) وذلك لقوله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٩٦] والقريب من الشيء يقال: إنه حاضره قال تعالى: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ} [الأعراف: ١٦٣] أي: قريبة منه. . .).
(٢) يُنظر: "مطالب أولي النهى" للرحيباني (٢/ ٣٠٨)، قال: (وهم)؛ أي: حاضرو المسجد الحرام: (أهل الحرم، ومن هو منه دون مسافة قصر)؛ لأن حاضر الشيء من حل فيه، أو قرب منه، أو جاوره، بدليل رخص السفر، فإن كان له منزلان قريب وبعيد، فلا دم.
(٣) أخرجه مالك في "الموطأ" (٣٩٨) قال: إنه بلغه أنَّ عبد اللَّه بن عباس كان يقصر الصلاة في مثل ما بين مكة والطائف، وفي مثل ما بين مكة وعسفان، وفي مثل ما بين مكة وجدة، قال مالك: وذلك أربعة برد، وذلك أحب ما تقصر إلي فيه الصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>