للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَرِهه الصدر الأول، ولعله يُشير إلى ما أثر عن أبي بكر وعمر -رضي اللَّه عنهما- أنهما يريان أنَّ الإفراد أفضل.

* قوله: (وَذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى جَوَازِ ذَلِكَ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَدَاوُدُ).

أما ابن عباس فالمعروف عنه: أنه يقول بوجوب التمتع (١).

إذًا؛ فلا خلاف بين العلماء (٢) في أنَّ من حجَّ مفردًا، أو قارنًا، أو متمتعًا، فإنه قد أدى النسك، ولم يقل أحدٌ بوجوب الإفراد، ولا بوجوب القران؛ وإنما قيل: بوجوب التمتع، وهو قول لابن عباس (٣)، وأخذ به بعض العلماء المحققين من المتأخرين.

والحقيقة أنَّ ابن عباس ذهب إلى إيجاب التمتع؛ لأنه لما قيل له: كيف تقول بوجوب التمتع، وأبو بكر وعمر يقولان: بأن الإفراد أفضل، وهما اللذان قال فيهم الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اقتدوا باللذَّين من بعدي أبي بكر وعمر" (٤)، فقال: أقول لكم: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وتقولون: قال أبو بكر وعمر!؟ يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء (٥).


(١) سيأتي بيانه.
(٢) يُنظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" لابن القطان (١/ ٢٥٣)، قال: وفي حديث أبي الأسود عن عروة عن عائشة، وحديث القاسم عنهما في إفراد النبي -عليه السلام- فيه: إفراد الحج وإباحة التمتع والقران، ولا خلاف في ذلك، وهو جمع الحج مع العمرة، واختلفوا في الأفضل، وفيما كان به رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- محرمًا في خاصته في حجة الوداع.
(٣) جاء في صحيح البخاري (٤٣٩٦)، عطاء، عن ابن عباس؛ إذا طاف بالبيت فقد حل، فقلت: من أين؟ قال: هذا ابن عباس؟ قال: من قول اللَّه تعالى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} ومن أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أصحابه، أن يحلوا في حجة الوداع، قلت: إنما كان ذلك بعد المعرف، قال: كان ابن عباس يراه قبل وبعد.
(٤) أخرجه الترمذي (٣٦٦٢)، عن حذيفة، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اقتدوا باللَّذين من بعدي أبي بكر، وعمر". وقال الألباني: إسناده حسن. انظر: "السلسلة الصحيحة" (١٢٣٣).
(٥) لم أقف عليه بهذا اللفظ، ولكن أخرجه أحمد في "مسنده" (٥/ ٢٢٨)، قال: عن =

<<  <  ج: ص:  >  >>