للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَسٍ (١) وَغَيْرِهِ (٢)، وَاسْتَحَبَّ العُلَمَاءُ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ المُحْرِمِ بِالتَّلْبِيَةِ بِأَثَرِ صَلَاةٍ يُصَلِّيهَا) (٣).

ومُرَاد المؤلف هنا ابتداؤه بالتلبية بعد أن يدخل في النُّسُك، ومن العلماء مَنْ يرى أن الدُّخولَ في النسك ينبغي أن يكون بعد صلاة، وهذا أمرٌ ليس محلَّ خِلَافٍ عندهم إِنْ كانت هناك فريضة، لَكن هل له أن يُنْشئ صلاةً ليدخل في النُّسُك بعدها؟ لا يوجد نصٌّ صريح في هذه المسألة، لكن هل يلبي بعد الدُّخُول في النسك مباشرةً أو بعد أن يصعد على راحلتِهِ؟ هذه كلُّها أقوالٌ وَرَدتْ عن العلماء، فمنهم مَنْ ذكر أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أهلَّ عندما استوت الراحلة كما ورد في حديث عبد اللَّه بن عمر المتفق عليه أنه سمعه عندما استوى على راحلته، ومنهم مَنْ قال: عقب فريضة، ومنهم مَنْ ذكر أنه أهلَّ لما صعد على البيداء كما في حديث جابر، وابن عباس (٤).

* قوله: (فَكَانَ مَالِكٌ يَسْتَحِبُّ ذَلِكَ بِأَثَرِ نَافِلَةٍ (٥)؛ لِمَا رُوِيَ مِنْ مُرْسَلِهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كَانَ يُصَلِّي فِي مَسْجِدِ ذِي الحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، فَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ أَهَلَّ") (٦).


(١) أخرجه البزار في"مسنده" (١٣/ ٢٦٦)، عن ابن سيرين، عن أخيه يحيى بن سيرين، قال: كانت تلبية أنسٍ: لبَّيك حجًّا حقًّا تعبُّدًا ورقًا. وربما قال: كان يقول ذلك إذا فرغ من تلبيته. قال البوصيري: "رواه مسدد، ورواته ثقات". انظر: "إتحاف الخيرة" (٣/ ١٧٧).
(٢) أخرج ابن سعد في "الطبقات" (١/ ٢٨٣)، عن مسلم بن أبي مسلم، قال: سَمعت الحسن بن علي يزيد في التلبية: "لبيك يا ذا النعماء والفضل الحسن".
(٣) تقدَّم مفصلًا.
(٤) سيأتي بيانه.
(٥) يُنظر: "كفاية الطالب الرباني"، لأبي الحسن الشاذلي (١/ ٥٢٢)، حيث قال: " (ويحرم الحاج أو المعتمر بإثر) بكسر الهمزة وسكون المثلثة وفتحهما (صلاة فريضة أو نافلة يقول: لبيك اللهم لبيك لبيك) ".
(٦) أخرجه مالك (١/ ٣٣٢)، عن هشام بن عروة، عن أبيه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان: "يصلي في مسجد ذي الحليفة ركعتين. فإذا استوت به راحلته أهلَّ".

<<  <  ج: ص:  >  >>