للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستدلُّوا بأثر ابن عباس: "مَنْ ترك نسكًا، فعليه دم" (١)، أما الأئمة الأربعة وجماهير العلماء فيرون أنه لا دمَ في ذلك (٢).

* قوله: (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْهُ سُنَّةً، لَمْ يُوجِبْ فِي تَرْكِهِ شَيْئًا، وَاحْتَجَّ مَنْ لَمْ يَرَ الرَّمَلَ سُنَّةً بِحَدِيثِ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ).

وَهَذا الحديثُ أخرجه مسلم في "صحيحه" (٣)، وأخرجه غيره (٤) أيضًا.

* قوله: ("قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: زَعَمَ قَوْمُكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- حِينَ طَافَ بِالبَيْتِ، رَمَلَ، وَأَنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ، فَقَالَ: صَدَقُوا وَكَذَبُوا. قَالَ: قُلْتُ: مَا صَدَقُوا، وَمَا كَذَبُوا؟ قَالَ: صَدَقُوا، رَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- حِينَ طَافَ بِالبَيْتِ، وَكَذَبُوا، لَيْسَ بِسُنَّةٍ).

"صَدَقُوا"؛ لأنه جَاء في هذا أثرٌ عن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بأنه رَمَل.

وقوله: "كَذَبوا"؛ لأنه لا يكون سُنَّةً، لكن بعد أنْ فعله رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والمُسْلمون معه أصبح سُنَّةً، نعم هذا الرمل سببه أنه لما قدم رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه من المدينة إلى مكة، كَانَت المدينة تَشْتهر بالحمَّى، وأنَّ رَسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- دَعَا بنَقْلها إلى الجُحْفة (٥)، فلمَّا قدم الرسول ومَنْ معه، جَلَس المُشْركون ناحية الحجر، فأَخَذوا يَنْظرون إلى المؤمنين، ويقولون: يقدم عليكم قومٌ أو أناسٌ وَهَنتهم حمى يثرب، فبلغ ذلك


(١) أخرجه مالك (١/ ٤١٩)، عن أيوب بن أبي تميمة السختياني، عن سعيد بن جبير، عن عبد اللَّه بن عباس قال: "مَنْ نسي من نسكه شيئًا، أو تركه فليهرق دمًا". قال أيوب: لا أدري قال: ترك أو نسي. قال مالك: "ما كان من ذلك هديًا، فلا يكون إلا بمكة، وما كان من ذلك نسكًا، فهو يكون حيث أحب صاحب النسك"، وصححه الأَلْبَانيُّ موقوفًا في "الإرواء" (١١٠٠).
(٢) تقدَّم تفصيله.
(٣) أخرجه مسلم (١٢٦٤).
(٤) أخرجه أبو داود (١٨٨٥).
(٥) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>