للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وللَّه في ذلك حكمة، فربما لو أنه ترك على الوضع الذي فكر في بنائه، وجُعِلَ بابٌ للدخول، وبابٌ للخروج، فكيف للملايين التي تدخله الآن؟ وكم سيَتَرتب من الضرر على الناس، وربما تُزْهق أرواحٌ، وتموت نفوسٌ!

* قوله: (فَإِنَّهُمْ تَرَكُوا مِنْهَا سَبْعَةَ أَذْرُعٍ مِنَ الحِجْرِ، ضَاقَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ وَالخَشَبُ (١)) (٢).

والمُشْركون يعترفون بأن هناك ربًّا واحدًا خالقًا رازقًا محييًا مميتًا، وهو ما يُعْرف بتوحيد الربوبية، لكنهم لمَّا جاؤوا إلى توحيد الأُلُوهية أَيْ: العبادة، خرجوا، فَجَعلوا وسطاءَ وشركاءَ يعبدونهم مع اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فأفسدوا جميعَ أعمالهم في ذلك، فدخلوا ضمن قول اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج: ٣١]، وَاللَّهُ تَعالَى يَقُول لنبيه -صلى اللَّه عليه وسلم-: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: ٦٥]، {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} [النساء: ١١٦].

* قوله: (وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَانَ يَحْتَجُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٢٩]، ثُمَّ يَقُولُ: "طَافَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ وَرَاءِ الحِجْرِ" (٣)، وَحُجَّةُ أَبِي حَنِيفَةَ ظَاهِرُ الآيَةِ (٤)،


(١) يُنظر: "لسان العرب" لابن منظور (١/ ٣٥١)، حيث قال: "خشب: الخشبة: ما غلظ من العيدان، والجمع خشب، مثل شجرة وشجر، وخشب وخشب وخشبان".
(٢) أخرجه ابن خزيمة (٣٠٢٢) عن ابن الزبير: أن عائشة أخبرتني أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لَوْلا حَداثة قَوْمكِ بالكفر لهدمت الكعبة، فإنهم تركوا منها سبعة أذرعٍ في الحجر، ضاقت بهم النفقة والخشب". وقال الأعظمي: إسناده صحيح.
(٣) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٥/ ١٤٦)، عن ابن عباس، قال: "الحجر من البيت؛ لأنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- طاف بالبيت من ورائه، قال اللَّه تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٢٩] ".
(٤) وظاهر الآية عندهم أن مَنْ طاف أكثر الأشواط، فقد أتى بفرض الطواف، ويُنظر: "التجريد" للقدوري (٤/ ١٨٦٧)، حيث قال: "قلنا: أما الآية فتقتضي وجوب شوطٍ =

<<  <  ج: ص:  >  >>