للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (أَعْنِي: قَبْلَ أَنْ يَسْتَحْكِمَ بِهِ الكَلَبُ، وَلَا يُسْتَنْكَرُ وُرُودُ مِثْلِ هَذَا فِي الشَّرْعِ، فَيَكُونُ هَذَا مِنْ بَابِ مَا وَرَدَ فِي الذُّبَابِ إِذَا وَقَعَ فِي الطَّعَامِ أَنْ يُغْمَسَ، وَتَعْلِيلُ ذَلِكَ بِأَنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً).

لَكن الذُّباب قد بَيَّن الرسول - عليه الصلاة والسلام - العلة فيه، فقال: "في أحَد جَنَاحيه: داء، وفي الآخر: دواء" (١)، وقرأت في إحدى الصحف - ونحن طلبة - أن جرحى كثيرين في الحرب العالمية بقوا أحياء لوقوع الذباب عليهم، فقالوا: هذا تفسيرٌ لما جاء في الحديث: "فإن في أحَد جَناحيه: داء، وفي الآخر: دواء" (٢).

والرسول - عليه الصلاة والسلام - أمَر أن يغمس الذباب، ونحن نجد أنه قد يقَع على بعض الأوساخ، بل يقَع على العذرة، والرسول - صلى الله عليه وسلم - أحرص الناس على النظافة، وعلَى مَا يهم المسلم، وما يهم بدنه، وبيَّن أنَّ لنفسك عليك حقًّا، وقال: "حسب ابن آدم لقيمات يُقِمْنَ صلبه"، وقال: "ما ملأَ ابن آدم وعاء شرًّا من بطنِهِ"، ومع ذَلكَ قَالَ: "فإنَّ في أحد جناحيه: داءً، وفي الآخر: دواء"، ولكنه - صلى الله عليه وسلم - هنا في الكلب لم يبين العلة إلا أنه عُرِفَ بعد ذلك أن العلةَ في لعابه.

قوله: (وَفِي الآخَرِ دَوَاءً. وَأَمَّا مَا قِيلَ فِي المَذْهَبِ مِنْ أَنَّ هَذَا الكَلْبَ هُوَ الكَلْبُ المَنْهِيُّ).

قوله: (وَأَمَّا مَا قِيلَ فِي المَذْهَبِ)، هو لا يقصد مذهب المالكية.

قوله: (عَنِ اتِّخَاذِهِ).


(١) أخرجه البخاري (٥٧٨٢)، عن أبي هريرة - صلى الله عليه وسلم - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا وقَع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله، ثم ليطرحه، فإن في أحد جناحيه: شفاءً، وفي الآخر: داء".
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>