للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (وَلَعَلَّ فِي سُؤْرِهِ خَاصِّيَّةً مِنْ هَذَا الوَجْهِ ضَارَّةً).

التقَى المؤلفُ -رحمه الله - مع الشافعيَّة في هذا التعليل "لعلَّ في سؤره خاصية".

وهذه الخاصيَّة التي ظهرت لنا وهي هذا اللعاب اللزج الذي يلصق في الإناء، فيحتاج إلى مُزِيلٍ؛ فيكرر الغسل، ثم احتياطًا يُفْرك بالتُّراب.

ولذَلكَ، اختلفَ الفقهاء قبل أن يُدْركوا هذا الأمر الذي ظهر لنا، هل يكفي الصابون (١)؟ أي: هل هذه المزيلات القوية التي تزيل الأوساخ وغيرها لو استخدمت بدل التراب هل تكفي أم لا؟ وذهب الفقهاء في المسألة مذاهب شتى، ولم يَلْتقوا في قول، ولكنهم التَقوا في قول: إنَّ التُّراب هو الذي يُزيله، وجاء الطب ليثبتَ أن في التراب خاصيةً هي التي تزيل هذا اللعاب.


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (١/ ٨٧) حيث قال: "وأمَّا النجاسة الحقيقية فإن كانت غير مرئية، كالبول ونحوه، ذكر في ظاهر الرواية أنه لا تطهر إلا بالغسل ثلاثًا، وعند الشافعي تطهر بالغسل مرة واحدة اعتبارًا بالحدث، إلا في ولوغ الكلب في الإناء، فإنه لا يطهر إلا بالغسل سبعًا إحداهن بالتراب بالحديث، وهو قول النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم، فليغسله سبعًا، إحداهن بالتراب". (ولنا) ما رُوِيَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "يغسل الإناء من ولوغ الكلب ثلاثًا"، فقَدْ أمر بالغسل ثلاثًا، وإن كان ذلك غير مرئيٍّ".
مذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير" للشيخ الدردير (١/ ٨٤)، حيث قال: (قوله: ولا تتريب) أي: لأنَّ التتريب لم يثبت في كل الروايات، وإنما ثبت في بعضها، وذلك البعض الذي ثبت فيه وقع فيه اضطرابٌ، وكما لا يحتاج لنية، ولا تتريب، لا يحتاج أيضًا لذلك؛ لأنَّ ذلكَ الغسلَ ليس لإزالة شيءٍ محسوسٍ كما في ح، بل زوال النجاسة بلا ذلك كاف كما مر". وانظر: "مواهب الجليل" للحَطاب (١/ ١٧٩).
مذهب الشافعية، يُنظر: "أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (١/ ٢١) حيث قال: "ولا يقوم غير التراب كأشنان، وصابون مقامه".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (١/ ١٨٢) حيث قال: " (ويقوم أشنان وصابون ونخالة ونحوها) من كل ما له قوة في الإزالة (مقامه)، أي: التراب (ولو مع وجوده)، وعدم تضرر المحل به؛ لأن نصَّه على التراب تنبيه على ما هو أبلغ منه في التنظيف". وانظر: "المغني" لابن قدامة (١/ ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>