للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمَعَ أننا لا نردُّ تعليله إلا أنه لم يصل إلى درجة التسليم كما أن العلَّة أصبحت الآن معروفةً.

قوله: (لَا فِي مَبَادِيهَا، وَفِي أَوَّلِ حُدُوثِهَا، فَلَا مَعْنًى لاعْتِرَاضِهِمْ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الحَدِيثِ ذِكْرُ المَاءِ).

" إذا وَلَغ الكَلبُ في إناءِ أَحَدكمْ" (١)، والرَّسُولُ - صلى الله عليه وسلم - لم يُفرِّق بين الكلب العادي وبين الكلب الكَلِبِ، ولو كان الرسول - عليه الصلاة والسلام - يقصد هذا النوع من الكلَاب لبيَّنه؛ لأنَّ هذا بيانٌ، وتَأْخير البيَان عَنْ وقت الحاجة لا يَجُوز، والرَّسولُ - عليه الصلاة والسلام - مُبلِّغٌ عن الله؛ {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا} [الحشر: ٧]، وهُوَ أيضًا هو المبيِّن لمَا في كتاب الله - عز وجل - {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤]، وقَدْ ترون أنَّ الرسولَ - عليه الصلاة والسلام - يُشْكل، فلو كان ذلك أشكلَ على الصحابة رضوان الله عليهم، فما فَهمُوه، لَسَألوا الرسول عليه الصلاة والسلام، ولبيَّنه لهم، ولنَقَلوه لنا صافيًا نقيًّا كما نَقَلوا لنا السُّنَّة المطهرة، وهذه الآثار العظيمة التي نُقِلَتْ لنا من أقوالٍ، وما عُرِفَ أنَّ ذلك أشكلَ على الصحابة، ولا أنَّهم تحيَّروا في فهمه، وإنما إذا كان أمرًا واضحًا، رَأَوا أنه أمرٌ؛ {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} [النور: ٥١].

قوله: (وَإِنَّمَا فِيهِ ذِكْرُ الإِنَاءِ).

وهذا يُضْعف مذهبَ المالكية، "وعَفروه الثامنة في التراب" (٢)، "أُولَاهُنَّ بِالتُّرَاب" (٣)، يعني: أن تتبُّع الآثار أثبتت عدم وُرُود لفظ الماء، إنما الإناء إذا وَلغ فيه الكلب، وإن كان العرف والذهن يتطرق أسرع إلى الماء.


(١) تقدم تخريجه.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>