للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخر عهد المسلم بالبيت الطاهر (١)، وأنه واجبٌ على القول الصحيح (٢)، وفرقٌ بين الركن والواجب، فلو أن إنسانًا ترك واجبًا، جَبَره بِدَمٍ، لكن لو تركَ ركنًا، فإنَّ الدَّم لا يُغْنيه في هذا المقام، ومن هنا نُنوِّع هذه المسألةَ على أنواعٍ ثلاثة: فلو أن إنسانًا أخَّر طوافَ الإفاضة إلى ما بعد يوم النحر إلى اليوم الذي يُغَادر فيه مكةَ، فإن جاء قاصدًا طوافَ الإفاضة، وكان آخر عهده بالبيت، فإنَّ ذلك يكفيه عن طواف الوداع حتى ولو لم ينوِ طواف الوداع معه؛ لأن القصدَ أن يكون آخر عهدك بالبيت إنما هو طواف الوداع، فيكون داخلًا فيه، وهذا جائز، لكن أن تأتي وتنوي طواف القدوم كما يفعله بعض الناس، ويغفل عن طواف الإفاضة، فهذا لا يجزئ.

* قوله: (إِنْ لَمْ يَكُنْ طَافَ طَوَافَ الإِفَاضَةِ؛ لِأَنَّهُ طَوَافٌ بِالبَيْتِ مَعْمُولٌ فِي وَقْتِ طَوَافِ الوُجُوبِ الَّذِي هُوَ طَوَافُ الإِفَاضَةِ) (٣).

ومُرَاد المؤلف أنه أخَّر طواف الإفاضة، فبعد أن يطوف طواف الإفاضة، سيكون هذا آخر عهده بالبيت، فلا مانعَ أن يصلي فريضةً؛ فإنَّ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- طاف وصلى صلاة الفجر.

* قوله: (بِخِلَافِ طَوَافِ القُدُومِ الَّذِي هُوَ قَبْلَ وَقْتِ طَوَافِ الإِفَاضَةِ. وَأَجْمَعُوا فِيمَا حَكَاهُ أَبُو عُمَرَ ابْنِ عَبْدِ البَرِّ أَنَّ طَوَافَ القُدُومِ وَالوَدَاعِ مِنْ سُنَّةِ الحَاجِّ إِلَّا لِخَائِفٍ فَوَاتَ الحَجِّ) (٤).


(١) أخرجه أبو داود (٢٠٠٢)، عن ابن عباس، قال: كان الناس يَنْصرفون في كلِّ وجهٍ، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا ينفرن أحدٌ حتى يكون آخر عهده الطواف بالبيت"، وصَحَّحه الأَلْبَانيُّ في "صحيح أبي داود - الأم" (١٧٤٧).
(٢) تقدَّم بيانه.
(٣) خلافًا للحنابلة، فلا بدَّ من تعيينه بالنية، وتقدَّم بيان ذلك.
(٤) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البَرِّ (٤/ ٢١٦)، حيث قال: "وقد اتفق العلماء: على أن المراهق وهو الخائف لما ذكرنا، يسقط عنه طواف الدخول، كما يسقط عن المكي، ولا يَرَون في ذلك دمًا، ولا غيره، فإذا طاف المكي أو المراهق بالبيت بعد رمي الجمرة، وصل طوافه ذلك بالسعي بين الصفا والمروة".

<<  <  ج: ص:  >  >>