للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمُؤلِّف لا يقصد طوافَ القدوم الَّذي يأتيه من بلده، وإنَّما الذي يأتيه من منًى قادمًا على مكة.

* قوله: (كَأَنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّ الوَاجِبَ إِنَّمَا هُوَ طَوَافٌ وَاحِدٌ. وَجُمْهُورُ العُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ طَوَافَ الوَدَاعِ يُجْزِئُ عَنْ طَوَافِ الإِفَاضَةِ) (١).

وهَذِهِ مسألةٌ مهمةٌ؛ لأنه ربما يظنُّ البعض أن طوافَ الوداع يكفي عن طواف الإفاضة، ولا بدَّ أولًا أن نعرفَ ما هو طواف الإفاضة، وما هو طواف الوداع، فطَوافُ الإفَاضة هو ركن من أركان الحج، والرُّكن لا يَسْقط سهوًا ولا عمدًا، وأنه لا بدَّ من الإتيان به، وأنه لا يمكن أن يقوم غيره مقامه.

وطواف الإفاضة يُسمَّى طواف الزيارة، وسُمِّي طواف الإفاضة؛ لأنك تفيض من منًى إلى مكة، وسُمِّي طواف الزيارة؛ لأنك تزور مكة في هذا المقام قادمًا من منى، أما طواف الوداع الذي بَيَّن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه يكون


(١) لمذهب الحنفية، يُنظر: "المبسوط" للسرخسي (٤/ ١١٤)، حيث قال: "وبعد الوقوف بعرفة لا يخاف الفوت، فلا يكون محصرًا، ولكنه يبقى محرمًا إلى أن يصل إلى البيت، فيطوف طواف الزيارة وطواف الصدر، ويحلق أو يقصر، وعليه دمٌ لتَرْك الوقوف بمزدلفة، ولرمي الجمار دم، ولتأخير الطواف دم".
ولمذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الصغير" للدردير (٢/ ٧٠)، حيث قال: " (وتأدى) طواف الوداع (بالإفاضة، و) طواف (العمرة)، وحصل له ثوابه إن نَوَاه بهما؛ كتحية المسجد تُؤدَّى بالفرض، ويحصل ثوابها إنْ نَوَاها به".
ولمذهب الشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٢/ ٢٨٠)، حيث قال: "ولا يدخل تحت غيره من الأطوفة، بل لا بُدَّ من طوافٍ يخصُّهُ حتى لو أخَّر طواف الإفاضة وفعله بعد أيام منى، وأراد الخروج عقبه، لم يكف كما ذَكَره الرافعي في أثناء تعليله".
ولمذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٢/ ٥١٣)، حيث قال: " (وإن أخَّر طواف الزيارة) ونصه (أو القدوم، فطافه عند الخروج كفاه) ذلك الطواف (عنهما)؛ لأن المأمور به أن يكون آخر عهده بالبيت الطواف، وقد فعل. . . فإن نوى بطوافه الوداع لم يجزئه عن طواف الزيارة؛ لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وإنما لكل امرئٍ ما نوى".

<<  <  ج: ص:  >  >>