للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بطواف الإفاضة ولا سعي عليه، أما المتمتع فيجب عليه أن يطوفَ ويَسْعى.

* قوله: (وَرَوَوْا هَذَا عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ؛ لِأَنَّهُمَا نُسُكَانِ، مِنْ شَرْطِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِذَا انْفَرَدَ طَوَافُهُ وَسَعْيُهُ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الأَمْرُ كَذَلِكَ إِذَا اجْتَمَعَا، فَهَذَا هُوَ القَوْلُ فِي وُجُوبِ هَذَا الفِعْلِ وَصِفَتِهِ وَشُرُوطِهِ وَعَدَدِهِ وَوَقْتِهِ وَصِفَتِهِ، وَالَّذِي يَتْلُو هَذَا الفِعْلَ مِنْ أَفْعَالِ الحَجِّ، أَعْنِي: طَوَافَ القُدُومِ -هُوَ السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ-، وَهُوَ الفِعْلُ الثَّالِثُ لِلْإِحْرَامِ، فَلْنَقُلْ فِيهِ).

إذًا، النسك الثاني بعد أن يفرغ الحاج وكذلك المعتمر من طوافه: الصلاة ركعتين عند المقام، ثم يعود إلى الحجر فيستلمه إن أمكنَ، وإن لم يتمكن فَلْيُشِرْ إليه، ثم بعد ذلك يتجه إلى موضع السعي، يتجه إلى الصفا كما فعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإنه اتجه إلى ذاك المكان، وقرأ قول اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: ١٥٨]، وقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نَبْدأ بما بدَأ اللَّه به" (١)، والذي بدأ اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- به إنما هو الصفا، ويَحْسن بالمسلمِ أن يصعد على جبل الصفا، وهو معروفٌ، وليس ذلك جُزءًا من السعي، لكن الأفضل أن يصعد عليه؛ لأنَّ مكانَ السعي له بدايةٌ محددةٌ، وقدوتنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقَدْ أُمِرْنا بأن نقتدي به، وقد اتَّجه نحو البيت حتى رَأَى الكعبةَ، ولمَّا رَآها رفَع يديه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكَبَّر ثلاثًا، أي قال: اللَّه أكبر، ثلاث مرات، ثم إنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال ذلك الدعاء المشهور: "لَا إلَه إلَّا اللَّه وَحْده لا شريك له، له الملك، وله الحَمد، وهو علَى كل شيءٍ قدير، لا إله إلا اللَّه وحده، أنجزَ وَعْده، ونَصر عَبْده، وَهَزم الأحزاب بعده" (٢)، يقول ذلك مرةً


(١) أخرجه مسلم (١٢١٨)، عن جابر: ". . . ثم خرج من الباب إلى الصفا، فلما دنا من الصفا قرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: ١٥٨]: "أبدأ بما بدأ اللَّه به"، فبدَأ بالصفا. . . ".
(٢) أخرجه مسلم (١٢١٨)، عن جابر: ". . . بدأ بالصفا، فَرَقي عليه حتى رأى البيت، فاستقبل القبلة، فوحَّد اللَّه وكبَّره، وقال: "لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، له =

<<  <  ج: ص:  >  >>