للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذًا، جُمْهورُ العلماء يَرَون أن السَّعيَ ركنٌ كما أن الطواف ركنٌ، ونعني بالطَّواف طوَاف الإفاضة.

* قوله: (وَإِنْ لَمْ يَسْعَ كَانَ عَلَيْهِ حَجٌّ قَابِلٌ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ (١)، وَإِسْحَاقُ (٢). وَقَالَ الكُوفِيُّون: هُوَ سُنَّةٌ (٣)، وَإِذَا رَجَعَ إِلَى بِلَادِهِ، وَلَمْ يَسْعَ، كَانَ عَلَيْهِ دَمٌ (٤). وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ تَطَوُّعٌ، وَلَا شَيْءَ عَلَى تَارِكِهِ) (٥).

أمَّا الذين قالوا بأنه واجبٌ، أو ركنٌ، استدلُّوا بما جاء عن عائشة -رضي اللَّه عنها- في رواياتٍ متعددةٍ في "الصحيحين"، وَمنها أنها قالت: "واللَّه، لا أتمَّ اللَّه حج امرئ، ولا عمرته لم يطف بينهما" (٦)، يعني: لم يسعَ بين الصَّفا والمروة.


(١) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٢/ ٥٢١)، حيث قال: " (فصل أركان الحج) أربعة. . . (والسعي) بين الصفا والمروة، لمَا تقدَّم في موضوعه. . . ".
(٢) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البَر (٤/ ٢٢٢)، حيث قال: "وبه قال أحمد وإسحاق، وهو قول عائشة -رضي اللَّه عنها- أن السَّعي بين الصفا والمروة فرض. وبه قال مالك والشافعي ومَنْ ذكَرنا معهم". اذكر قول إسحاق من مسائل أحمد.
(٣) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البَر (٤/ ٢٢٢)، حيث قال: "وقال ابن عباس، وأنس، وعبد اللَّه بن الزبير: هو تطوعٌ، وبه قال الكوفيون، وهو قول الحسن وابن سيرين. قال أبو عمر: قول سفيان والكوفيين في إيجابهم الدم يحتمل أن يكون عندهم تطوعًا، ويحتمل أن يكون عندهم سُنَّة، وهو الأظهر في إيجابهم الدم".
(٤) يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٢/ ١٣٤)، حيث قال: "وإذا كان واجبًا، فإن تركه لعذر فلا شيء عليه، وَإِنْ تَرَكه لغير عذرٍ، لزمه دم".
(٥) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٤/ ٢٢٢)، حيث قال: "ورُوِيَ عن الحسن أنه قال: لا شيء عليه، رواه يحيى القطان، عن الأشعث، عن الحسن في الرجل ينسى السعي بين الصفا والمروة، قال: ليس عليه شيءٌ".
(٦) أخرجه البخاري (١٧٩٠)، ومسلم (١٢٧٧)، ولفظ مسلم: عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قال: قلت لها: إني لأظن رجلًا لو لم يطف بين الصفا والمروة، ما ضره؟ قالت: "لم؟ "، قلت: لأن اللَّه تعالى يقول: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: ١٥٨] إلى آخر الآية، فقالت: "ما أَتمَّ اللَّه حجَّ امرئٍ ولا عمرته لم يطف بين الصفا والمروة. . . ".

<<  <  ج: ص:  >  >>