ويقولون لماذا يختلف طالب اليوم عن طالب الأمس؟ مع أن طالب اليوم يُسرت له الأسباب، إضاءة متوفرة، ووسائل مواصلات، كل وسائل الخير، والكتب تُسلم إليه، والدولة جزاها الله خيرًا قدمت كل ما يُساعد طالب العلم حتى تعطيه ما يُساعده في نفقةٍ، فلماذا كان طالب الأمس أحسن حالًا من اليوم؟ مع أنه يعاني من صعوبة المعيشة، ومن وسائل الراحة، ومن وسائل المواصلات.
والجواب: أنَّ الأذهان اليوم قد اختلفت، وتَشَتَّتَتْ، وفيما مضى كانت محصورة، وطالب العلم كان يحرص كل الحرص أن يقرأ في مثل هذه الكتب القديمة، من مثل:"بداية المجتهد"، وكتاب:"المغني" لابن قدامة، و"المجموع" للنووي، وكتب محمد بن الحسن، وكتب المالكية وغيرها من الكتب الكثيرة، يقرأ فيها حتى يروض بها، ذلك أن الإنسان إذا اعتاد أن يحمل شيئًا بسيطًا تعوَّد عليه، وكلَّما زاد في الحمل بدأ يحمل أكثر، كذلك هذا الذهن كلَّما حملته قليلًا قليلًا فإنه يسير معك إلى أن تصبح الأمور التي كنت تراها صعبة ميسورةً عندك.
وهذا الذهن وهذا الفكر يحتاج إلى بحثٍ وإلى تدقيق، وخير وسيلة لذلك المناقشات التي تكون في هذه الآراء، فإنَّ معرفة الآراء: قال فلانٌ كذا، وقال الآخر كذا …
فلنُشغِّل أذهاننا وندقق، وقد نجهدها أيامًا أو أشهرًا أو سنين، لكننا نصل بإذن الله إلى اكتمال المقصود متى صاحب ذلك إخلاص وقَبْله تقوى الله -سبحانه وتعالى -.
وعليه، فإنَّ قراءة هذه الكتب لها من المزايا ما لا تُوجد في غيرها، قد أجدها صعبة اليوم لكنني عندما أتعود عليها لا تكون صعبة، فلماذا الذين سبقونا بقليل ما كانوا يرون صعوبة في هذه الكتب؟
لماذا كانوا يقرؤون في النحو كتب الأشموني، وشروحه وحواشيه، ويقرؤون "أوضح المسالك" وكانوا يقرؤون ذلك في الثانوي وبعضهم المتوسط، ونحن الآن نجد فيها صعوبة في الكليات، لماذا أصبحنا نميل