للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبَيَّن خطورتَه على المجتمع، وقَدْ جاء في كتاب اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- من التَّحذير والتَّهديد من التعامل بالربا، وأنَّ مَنْ يفعل ذلك فإنه يَأْذن بحربٍ من اللَّه ورسوله، وبيَّن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه لا مُحَاباةَ في دين اللَّه، ولذلك قال: "إنَّ أوَّل ربا أضعه إنَّما هو ربا العباس" (١)، والعباس هو عمُّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فبدأ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بأقرب الناس إليه، وهو عمه، ونجد أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عندما تكلم عن السرقة في قصة المخزومية التي كانت تَسْتعير الحلي فأخفتها؛ أي: سرقتها، قال الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها" (٢)، وهي ابنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولها من المكانة العظيمة عنده ما لها، وحاشاها أن تسرق، ولكن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أراد أن يبين أن هذا هو دين اللَّه، ودين اللَّه لا يختلف الناس فيه في المعاملة، فهو حقٌّ وعدلٌ، واللَّه تعالى يقول: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (٥٨)} [النساء: ٥٨].

هَذِهِ هي أحكامُ الشَّريعة الإسلامية، وهي الَّتي يحتاج المسلمون إلى تطبيقها في كلِّ مكانٍ، لا في بلدٍ واحدٍ، أَوْ في بعض البلاد، والبلاد التي تُطبَّق شريعة اللَّه فيها من الرخاء والأمن والاستقرار ما فيها، وهذا كله بفضل اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، وبفضل تطبيق هذه الشريعة الإسلامية.

إذًا، رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قد وضع لنا أسسًا وقواعدَ حتى نسير عليها في تعاملنا فيما بيننا، وفيما ينظم علاقاتنا مع ربنا -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، كذلك بَيَّن الرسولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- حُرْمةَ الدين، وحُرْمةَ عِرْضِ المسلم، وأنَّه لا يجوز للمسلم أن يتكلَّم بحقِّ أخيه المسلم بغير حقٍّ.


(١) أخرجه مسلم (١٢١٨)، عن جابر: ". . . فخطب الناس وقال: "إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا كل شيءٍ من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع. . . وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضع ربانا ربا عباس بن عبد المطلب. . . ".
(٢) أخرجه البخاري (٣٤٧٥)، ومسلم (١٦٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>