للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جمعَ تَقْديمٍ، وكان ذلك في وقت الظهر، وكان ذَلكَ أيضًا في يوم جُمُعة. وقَالَ العلماء: لا تُصلَّى الجُمُعة هناك بالنسبة للحجاج؛ لأنَّ الرَّسُولَ -صلى اللَّه عليه وسلم- خَطَب أولًا، ثمَّ بعد ذلك أذَّن المؤذن، فأُقيمَت الصلَاة، فصلَّى بالناس صلاة الظهر، ثمَّ أُقيمَت الصلاة، فصلى بالناس صلاة العصر، وهذه مسألةٌ سيأتي الخلاف فيها، متى يُؤذَّن لهذه الصلاة؟ هل يكون أثناء الخطبة، أو بعد الفراغ منها؟

* قوله: (ثُمَّ وَقَفَ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ) (١).

والمُؤلِّف هنا قد اختصرَ، فَالإمَامُ يَخْطب الناس، وَفِي هذه الخطبة يُبيِّن لهم مَناسك الحجِّ؛ لأنَّ الناس أو غالبهم أو السواد الأعظم إنما يحتاجون إلى معرفة مناسك الحج؛ اقتداءً برَسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، يُبيِّن الخطيب لهم ما يَحْتاجون إليه من مناسكِهِ، حكمَ الوقوف بعرفة، أين يقف المسلمون، هل هو في كل مكانٍ؟ ما هي الأدعية التي يَنْبغي أن يفعلوها؟

ونحن نجد أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قد أُوتِيَ جوامع الكلم كما جاء في الأحاديث الصحيحة: "أُعْطيت خمسًا لم يُعْطهنَّ أحد من قبلي. . . " (٢)، وذكر منها أنه أُعْطي جوامع الكلم، يأتي بالكلام القليل الذي يحمل المعاني العظيمة بمعنى أنه يضع أسسًا وقواعد؛ ولذلك رأينا أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وضع أسسًا وقواعدَ من قواعد الإسلام، ومما تكلم عنه الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- في ذلك الموقف العظيم: الربا، وحذَّر منه الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-،


(١) أخرجه مسلم (١٢١٨)، عن جابر: ". . . فأتى بطن الوادي، فخطب الناس. . . ثم أذن، ثم أقام فَصلَّى الظهر، ثمَّ أقام فصلى العصر، ولم يُصلِّ بينهما شيئًا، ثم ركب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى أتى الموقف، فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات، وجعل حبل المشاة بين يديه، واستقبل القبلة، فلم يزل واقفًا حتى غربت الشمس. . . ".
(٢) أخرجه البخاري (٢٩٧٧)، ومسلم (٥٢٣)، ولفظه، عن أبي هريرة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "فُضِّلتُ على الأنبياء بِسِتٍّ: أُعْطيت جَوَامع الكلم، ونُصِرْت بالرعب، وأُحلَّت لي الغنائم، وجُعلَت لي الأرض طهورًا ومسجدًا، وأُرْسلتُ إلى الخَلْق كافَّة، وخُتِمَ بي النَّبيُّون".

<<  <  ج: ص:  >  >>