للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنما المُسْلم للمُسْلم كالبنيان يشدُّ بعضه بعضًا" (١).

وَاللَّهُ تَعالَى يقول: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: ١٣].

إذًا، بهذا يَتَميَّز المسلمون بعضهم عن بعضٍ، فالمَيْزة التي يرتفع بها بعضهم عن بعض إنما هي تقوى اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وطاعته، هذا هو المنهج السوي الذي وَضَعه الإسلام، فَالإسلَام يجمع كلمةَ المسلمين، واللَّهُ تَعالَى يُحذِّرنا من الخلاف والتنازع: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: ٤٦]، {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١٠٥)} [آل عمران: ١٠٥]، {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (٥٩)} [النساء: ٥٩].

* قوله: (وَأَنَّ السُّنَّةَ فِي ذَلِكَ أَنْ يَأْتِيَ المَسْجِدَ بِعَرَفَةَ يَوْمَ عَرَفَةَ مَعَ النَّاسِ، فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ، خَطَبَ النَّاسَ -كَمَا قُلْنَا- وَجَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالعَصْر (٢)، وَاخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ أَذَانِ المُؤَذِّن بِعَرَفَةَ لِلظَّهْرِ وَالعَصْرِ؛ فَقَالَ مَالِكٌ: يَخْطُبُ الإِمَامُ حَتَّى يَمْضِيَ صَدْرٌ مِنْ خُطْبَتِهِ أَوْ بَعْضُهَا) (٣).

يعني: جزءًا كبيرًا منها.

* قوله: (ثُمَّ يُؤَذِّنُ المُؤَذِّنُ وَهُوَ يَخْطُبُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ (٤): يُؤَذِّنُ


(١) أخرجه مسلم (٢٥٨٥)، عن أبي موسى، قال: قال رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "المُؤْمن للمُؤْمن كالبنيان يشدُّ بعضه بعضًا".
(٢) تقدَّم.
(٣) يُنظر: "حاشية الدسوقي" (٢/ ٤٤)، حيث قال: " (قوله: ثمَّ بعد فراغه. . . إلخ) فيه نظر، ولفظ "المدونة": متى يؤذن المؤذن يوم عرفة، أبعد فراغ الإمام من خطبته، أو وهو يخطبها، قال: ذلك واسع إن شاء اللَّه، والإمام يخطب، وان شاء بعدما يفرغ من خطبته. فقول المصنف: "ثم أذن"، يُحْمل على أن المراد: ثمَّ بعد الشروع في الخطبة أذن، وبعد الشروع فيها صادق بكون الأذان في الخطبة أو بعدها".
(٤) يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٣/ ٢٩٦)، حيث قال: "وحين يَقُوم إلى الخطبة الثانية =

<<  <  ج: ص:  >  >>