للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِذَا أَخَذَ الإِمَامُ فِي الخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (١): إِذَا صَعِدَ الإِمَامُ المِنْبَرَ أَمَرَ المُؤَذِّنَ بِالأَذَانِ، فَأَذَّنَ كَالحَالِ فِي الجُمُعَةِ، فَإِذَا فَرَغَ المُؤَذِّنُ، قَامَ الإِمَامُ يَخْطُبُ، ثُمَّ يَنْزِلُ وَيُقِيمُ المُؤَذِّنُ الصَّلَاةَ، وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ (٢) تَشْبِيهًا بِالجُمُعَةِ، وَقَدْ حَكَى ابْنُ نَافِعِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: الأَذَانُ بِعَرَفَةَ بَعْدَ جُلُوسِ الإِمَامِ لِلْخُطْبَةِ) (٣).

والأقرب من هذا كله أن المؤذِّن إنما يؤذن بعد فراغ الإمام من الخطبة.

* قوله: (وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لَمَّا زَاغَتِ الشَّمْسُ، أَمَرَ بِالقَصْوَاءِ، فَرُحِّلَتْ لَهُ، وَأَتَى بَطْنَ الوَادِي، فَخَطَبَ النَّاسَ، ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى العَصْرَ).

هذا نصٌّ جاء في حديث جابر -رضي اللَّه عنه-، وقَدْ حكى لنا وصفًا دقيقًا للمنسك الذي كان عليه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأنه عندما جاء خطب الناس، ثم بعد ذلك قام المؤذدن فأذن، ثم أقام، قال: "قُمْ يا بلال فأَذِّنْ"، ثمَّ أمر بإقامة الصلاة، فَصلَّى بالناس الظهر، ثمَّ أُقيمَت العصر فصلَّى (٤)، وهذا


= يؤذن للظهر، فيفرغ من الخطبة الثانية مع فراغ المؤذن من الأذان للاتباع: رواه الشافعي".
(١) يُنظر: "تبيين الحقائق" للزيلعي (٢/ ٢٢) حيث قال: " (قوله: فيجلس بينهما)؛ أي: جلسة خفيفة. قال أبو حنيفة: يبتدئ الخطبة إذا فرغ المؤذن من الأذان بين يديه كخطبة الجمعة. وقال أبو يُوسُف: يخطب الإمام قبل الأذان، فإذا مَضَى صدرٌ من خطبته، أذن المؤذنون".
(٢) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البَر (٤/ ٣٢٥)، حيث قال: "وقال أبو حنيفة، وأبو يُوسُف، ومحمد: إذا صعد الإمام المنبر، أَخَذ المؤذن في الأذان، فإذا فرغ الإمام، قام المؤذن فخطب، ثم ينزل ويقيم المؤذن الصلاة، وَبِهِ قَالَ أبو ثورٍ".
(٣) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البَر (٤/ ٣٢٥)، حيث قال: "وَحَكى عنه ابن نافع أنه قال: الأذان إذا قام بعرفة بعد جلوس الإمام للخطبة".
(٤) أخرجه مسلم (١٢١٨)، عن جابر: ". . . فخطب الناس. . . ثمَّ أذن، ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ولم يصل بينهما شيئًا. . . ".

<<  <  ج: ص:  >  >>