للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن العلماء مَنْ يقول: إن الوقوف يبدأ من فجر يوم التاسع، وهذا قول عند الحنابلة (١)، ولكن القول المشهور الذي أجمع عليه العلماء (٢): أن الوقوف يبدأ من وقت الزوال (زوال يوم التاسع) إلى فجر اليوم العاشر، هذا هو وقت الوقوف بعرفة، فمَنْ وقف -كما جاء في الحديث- أيِّ ساعة من ليلٍ أو نهارٍ، فقَدْ أدرك الوقوف (٣)، وليست القضية قضية مرور، فعلينا أن نقف في هذه الأماكن الطيبة المباركة التي يباهي اللَّه بنا ملائكته، ولنتجه إلى اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- حتى نخرج بغنائمَ عَظيمَةٍ من هذا الموقف.

* قوله: (وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ أَنَّ هَذَا هُوَ سُنَّةُ الوُقُوفِ بِعَرَفَةَ (٤)، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَأَفَاضَ مِنْهُ قَبْلَ الزَّوَالِ - أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِوُقُوفِهِ ذَلِكَ) (٥).

وَهَذَا معروفٌ عند الحنابلة، لكنه قول ضعيف، وقول جمهور العلماء هو الذي ينبغي أن يحرص عليه المسلم، وأنه من وقت الزوال، ولا مانع أن يأتي الإنسان قبل الزوال، لكن لا ينبغي أن ينصرف، والوقوف


(١) وهو المشهور عندهم، ويُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٢/ ٤٩٤)، حيث قال: " (ووقت الوقوف: من طلوع الفجر يوم عرفة)؛ لحديث عروة بن مضرس. . . ".
وينظر: "المغني" لابن قدامة (٣/ ٢٧٣).
(٢) سيأتي مفصلًا.
(٣) أخرجه أبو داود (١٩٥٠)، عن عروة بن مضرس الطائي، قال: أتيت رَسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالموقف يعني بجمع، قلت: جئت يا رسول اللَّه من جبل طيئ، أكللت مطيتي، وأتعبت نفسي، واللَّه ما تركت من حبلٍ إلا وقفت عليه، فهل لي من حجٍّ؟ فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ أدرَك معَنا هذه الصَّلاة، وأتى عَرَفات فبل ذلك ليلًا أو نهارًا، فقد تمَّ حجُّه، وقَضَى تفثه"، وَصحَّحه الأَلْبَانيُّ في "صحيح أبي داود - الأم" (١٧٠٤).
(٤) يُنظر: "الإقناع" لابن القطان (١/ ٢٧٦)، حيث قال. "وأجمعوا أنَّ مَنْ وقف بها يوم عرفة قبل الزوال، وأفاض منها قبل الزوال أنه لا يعتدُّ بها، وإن لم يرجع فيقف (بعده) أو في ليلته تلك قبل الفجر: فقَدْ فاته الحج".
(٥) تقدَّم مذهب الحنابلة، وهم يُصحِّحون الوقوف قبل الزوال.

<<  <  ج: ص:  >  >>