للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الدَّمِ عَلَيْهِ (١)، وَعُمْدَةُ الجُمْهُورِ حَدِيثُ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسٍ، وَهُوَ حَدِيث مُجْمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ).

فالرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- (٢) ما ترك جبلًا إلا وقد مرَّ به مع ما عندهم من نقصٍ في المال، ونقصٍ في الركب، وما يجدونه من عناءٍ ومشقةٍ، واللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- يريد بنا اليسر، ولا يريد بنا العسر، وعندما فرض علينا هذه العبادات وغيرها لم يشق علينا، وإنما ليعلم المحسن من المسيء، والمطيع من غير المطيع: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الملك: ٢].

فلنتسابق إلى جنات عدن، فإنها منازلنا الأولى، وَفيها المُخيَّم، هذه الأمَاكن التي يُمْكن أن يَتنَافس فيها المتنافسون، ويتسابق المتسابقون، ويسارعون إلى مغفرةٍ من ربِّهم، هذه الأماكن التي ينبغي أن يقدم المسلم


(١) لمذهب الحنفية، يُنظر: "تبيين الحقائق" للزيلعي (٢/ ٣٧)، حيث قال: " (ومَنْ وقف بعرفة ساعةً من الزوال إلى فجر النحر، فقد تمَّ حجُّه ولو جاهلًا أو نائمًا أو مغمًى عليه)؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- "وقف بعد الزوال"، وهذا بيان أول الوقت، وقال: "مَنْ أدرَك عرفة بلَيْلٍ، فقَدْ أدرك الحجَّ، ومن فَاتَه عرفة بلَيْلٍ، فقد فاته الحج"، وهذا بيان آخر الوقت، ولم يفصل بين أن يكون عالمًا بعرفة أو لم يكن، فيُشْترط فيه الحصول فقط".
ولمذهب الشافعية، يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٤/ ١١١)، حيث قال: " (فلو) (وقف نهارًا، ثم فارق عرفة قبل الغروب ولم يعد) إليها قبل فجر النحر، أو ليلًا فقط (أراق دمًا)، وهو دم الترتيب والتقدير (استحبابًا)؛ لخبر: "فقد تم حجه"، ولو وجب الدم لنقص حجه، واحتاج للجبر (وفي قول يجب)؛ لأنه ترك نسكًا (وإن عاد فكان بها عند الغروب فلا دم)؛ لأنه جمع بين الليل والنهار (وكذا إن عاد ليلًا في الأصح) ".
ولمذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٢/ ٥٢١)، حيث قال في واجبات الحج: " (والوقوف بعرفة إلى الليل) على مَنْ وقف نهارًا. . . (ومن ترك واجبًا) لحجٍّ أو عمرةٍ (ولو سهوًا، فعليه دمٌ) ".
(٢) لعله يقصد: عروة بن مضرس.

<<  <  ج: ص:  >  >>